| ملف: الموسيقى والغناء في الميزان | |
|
|
كاتب الموضوع | رسالة |
---|
Admin المسؤول
عدد المساهمات : 136 نقاط : 11933 تاريخ التسجيل : 05/03/2009 العمر : 56
| موضوع: ملف: الموسيقى والغناء في الميزان الثلاثاء 13 يوليو 2010 - 5:07 | |
| أولا: أدلة المجيزين من سنة النبي -صلى الله عليه وسلم-: 1-عن عائشة قالت إن أبا بكر دخل عليها وعندها جاريتان في أيام منى تدففان وتضربان وفي رواية تغنيان بما تقاولت الأنصار يوم بعاث والنبي صلى الله عليه وسلم متغش بثوبه فانتهرهما أبو بكر فكشف النبي صلى الله عليه وسلم عن وجهه فقال دعهما يا أبا بكر فإنها أيام عيد وفي رواية يا أبا بكر إن لكل قوم عيدا وهذا عيدنا. متفق عليه. وجه الدلالة من الحديث بطرقه ورواياته: أن هناك غناء مصحوبا بضرب الدف قد وقع من الجاريتين وفي بيت النبوة وأن عائشة سمعته وكذلك النبي –صلى الله عليه وسلم- وقد أنكر على أبي بكر انتهاره للجاريتين. وقال بعض المانعين: إن الجاريتين كانتا صغيرتين ولا يوجد في النص ما يدل على ذلك بل إن غضب أبي بكر وانتهاره لهما وقوله ما قال وتخريقه الدفين في بعض الروايات كل هذا يدل على أنهما لم تكونا صغيرتين فلو صح ذلك لم تستحقا كل هذا الغضب والإنكار من أبي بكر إلى هذا الحد الذي ذكرته الروايات. وقال بعض المانعين: جاء في بعض الروايات في وصف الجاريتين بقوله "وليستا بمغنيتين". وهذا في الواقع لا يدل على أكثر من أنهما غير محترفتين أي ليستا من القيان اللائي يتكسبن بالغناء ولكنهما غنتا وضربتا بالدف فقد وقع منهما الغناء والضرب بالدف وليس كل مغن محترف. وقال بعض المانعين: الحديث يدل على إباحة الغناء بمناسبة العيد فبقى ما عدا العيد على المنع. الرد من وجهين: أولهما:أن العيد لا يباح فيه ما كان محرما إنما يتوسع فيه في بعض المباحات كالتزين وأكل الطيبات ونحوها. ثانيهما: أن العيد يستحب فيه إدخال السرور على النفس وعلى الناس فيشعر الناس فيه بالبهجة والفرح ويقاس على العيد كل مناسبة سارة ولو كانت مجرد اجتماع الأصدقاء على طعام أو نحوه. 2-روى البخاري عن الربيع بنت معوذ قالت: جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخل علي صبيحة بني بي فجلس على فراشي كمجلسك مني فجعلت جويريات يضربن بدف لهن ويندبن من قتل من آبائي يوم بدر إلى أن قالت إحداهن وفينا نبي يعلم ما في الغد فقال دعي هذه وقولي الذي كنت تقولين. وفي رواية ابن ماجة عن الحسن المدني قال كنا بالمدينة يوم عاشوراء والجواري يضربن بالدف ويتغنين فدخلنا على الربيع بنت معوذ فذكرنا ذلك لها فقالت دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم صبيحة عرسي وعندي جاريتان يتغنيان وتندبان آبائي الذين قتلوا يوم بدر وتقولان فيما تقولان وفينا نبي يعلم ما في غد فقال أما هذا فلا تقولوه ما يعلم ما في غد إلا الله. وصحح الألباني هذه الرواية الأخيرة في سنن ابن ماجة برقم 1897 والتي أضافت ضربهم الدفوف في يوم عاشوراء. 3-روى البخاري عن عائشة رضي الله عنها أنها زفت امرأة إلى رجل من الأنصار فقال النبي صلى الله عليه وسلم : يا عائشة ما كان معهم من لهو ؟ فإن الأنصار يعجبهم اللهو. وعن عائشة قالت كانت عندي جارية من الأنصار زوجتها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا عائشة ألا تغنين ؟ فإن هذا الحي من الأنصار يحبون الغناء . رواه ابن حبان في صحيحه وعن ابن عباس قال أنكحت عائشة ذات قرابة لها من الأنصار فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أهديتم الفتاة قالوا نعم قال أرسلتم معها من يغني قالت لا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الأنصار قوم فيهم غزل فلو بعثتم معها من يقول ( أتيناكم أتيناكم فحيانا وحياكم) رواه ابن ماجة حسنه الألباني في غاية المرام برقم 398 وفي تحريم آلات الطرب ص 133 وفي الإرواء برقم 1995 . 4-عن بريدة خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض مغازيه فلما انصرف جاءت جارية سوداء فقالت يا رسول الله إني نذرت إن ردك الله سالما أن أضرب بين يديك بالدف وأتغنى . فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم :"إن كنت نذرت فاضربي وإلا فلا". فجعلت تضرب فدخل أبو بكر وهي تضرب ثم دخل علي وهي تضرب ثم دخل عثمان وهي تضرب ثم دخل عمر فألقت الدف تحت أستها ثم قعدت عليه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الشيطان ليخاف منك يا عمر إني كنت جالسا وهي تضرب فدخل أبو بكر وهي تضرب ثم دخل علي وهي تضرب ثم دخل عثمان وهي تضرب فلما دخلت أنت يا عمر ألقت الدف .رواه أحمد والترمذي وصححه. وصححه الألباني في الصحيحة برقم 2261 وغيرها. يقول الشيخ القرضاوي: والقائلون بالتحريم يخصون مثل ذلك من عموم الأدلة على المنع. أما المجوزون فيستدلون به على مطلق الجواز لما سلف وقد دلت الأدلة على أنه لا نذر في معصية الله فالإذن منه –ص- لهذه المرأة بالضرب يدل على أن ما فعلته ليس بمعصية في ذلك الموطن. 5-عن عامر بن سعد قال دخلت على قرظة بن كعب وأبي مسعود الأنصاري في عرس وإذا جوار يغنين فقلت أي صاحبي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأهل بدر يفعل هذا عندكم ؟ فقالا اجلس إن شئت فاسمع معنا وإن شئت فاذهب فإنه قد رخص لنا في اللهو عند العرس . رواه النسائي. وصححه الألباني في المشكاة برقم 3159 وحسنه في سنن النسائي برقم 3383 وقد توقف بعضهم عند كلمة "رخص لنا" في الحديث ليأخذ منها أن الأصل هو المنع وأن الرخصة جاءت على خلاف الأصل وهي مخصوصة بالعرس فتقتصر عليه. ونسى هؤلاء أن مثل هذا التعبير يأتي فيما يراد به التيسير ولازمه في أمر كان يتوقع فيه التشديد والمنع. فهو من باب قوله تعالى: "فلا جناح عليه أن يطوف بهما" مع أن الطواف فرض أو ركن. 6- روى النسائي عن السائب بن يزيد أن امرأة جاءت إلى رسول الله-صلى الله عليه وسلم- فقال: يا عائشة أتعرفين هذه؟ قالت لا يا نبي الله . فقال هذه قينة بني فلان تحبين أن تغنيك قالت نعم قال فأعطاها طبقا فغنتها فقال النبي صلى الله عليه وسلم قد نفخ الشيطان في منخريها. قال الأدفوي: وسنده صحيح وكذا قال الشوكاني والكتاني. وصححه الألباني في الصحيحة برقم 3281 يقول الشيخ القرضاوي:دل هذا على إباحة الغناء من القينة لأنه-ص- لا يأذن في حرام. كما يدل على وجود القينات المغنيات في العصر النبوي ولم ينكر وجودهن. ودل على إباحة الغناء في غير العيد وفي غير العرس على خلاف ما يقوله دعاة التحريم. 7-وأخرج النسائي وغيره عن النبي-صلى الله عليه وسلم- قال: "فصل ما بين الحلال والحرام الدف والصوت في النكاح". وحسنه الترمذي وقال الحاكم: صحيح الإسناد ووافقه الذهبي ورجح الألباني أنه حسن فقط انظر الإرواء برقم 1994 يتبع... | |
|
| |
Admin المسؤول
عدد المساهمات : 136 نقاط : 11933 تاريخ التسجيل : 05/03/2009 العمر : 56
| |
| |
Admin المسؤول
عدد المساهمات : 136 نقاط : 11933 تاريخ التسجيل : 05/03/2009 العمر : 56
| موضوع: رد: ملف: الموسيقى والغناء في الميزان الثلاثاء 13 يوليو 2010 - 5:18 | |
| ثالثا: أقوال التابعين وأفعالهم -رضوان الله عليهم-:
1-سعيد بن المسيب: روى ابن عبد البر: أنه سمع الغناء واستلذ به وضرب برجله وقال: هذا والله ما يلذ سماعه. نقله عنه الشوكاني في النيل (8/106) والأدفوي ص 106 وأورد القصة كذلك ابن الجوزي في تلبيس إبليس ص 251 وابن السمعاني في الذيل والطبراني.
وروى ابن سعد في الطبقات (5/134) والذهبي في السير (4/241) أن سعيد بن المسيب كان يرخص لبنته في الكبر –يعني في الطبل الكبير- المدور المجلد من وجهين.
2-القاضي شريح: نقل القاضي أبو منصور البغدادي في مؤلفه السماع قال: كان يصوغ الألحان ويسمعها من القيان.
وقال الغزالي في الإحياء (2/249) والشوكاني في النيل (8/106): كان يسمع الغناء ويعزف الألحان وكان يصوغ الألحان ويميز بين البسيط والمديد والخفيف.
3-الشعبي: نقل القاضي أبو منصور البغدادي قال: كان يقسم الأصوات إلى الثقيل الأول وإلى الثقيل الثاني وما بعدهما من المراتب. نقله عنه أبو منصور النابلسي في إيضاح الدلالات ص 17 والشوكاني في النيل (8/106).
وذكر الحافظ ابن طاهر في كتابه (صفوة التصوف) بسنده أن الشعبي مر بجارية تغني: فتن الشعبي لما.... فلما رأت الشعبي سكتت. فقال الشعبي قولي:رفع الطرف إليها. وساقه ابن السمعاني بأسانيده.
4-عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق المعروف بابن أبي عتيق: روى الأستاذ أبو منصور البغدادي (نقله عنه النابلسي في إيضاح الدلالات ص 17) بسنده أنه: رغم كونه فقيها ناسكا كان يعلم القيان الغناء وسماعه كثير مشهور لا يختلف فيه أهل الأخبار بالأسانيد الجياد وكان كثير البسط والخلاعة مع فقه وزهد ونسك وعبادة. يقول الشيخ القرضاوي:لا يقصد بالخلاعة ما هو شائع اليوم من الميل إلى الفسق والفجور وإنما يقصد بها التبسط في اللهو والتوسع في رفاهية العيش.
وقال الزبير بن بكار في الموفقيات: حدثتنا طيبة مولاة فاطمة بنت عمر بن مصعب بن الزبير عن أم سليمان بنت نافع أن ابن أبي عتيق دخل على جارية بالمدينة فسمعها تغني لابن سريج: ذكر القلب ذكره أم زيد والمطايا بالشهب شهب الركاب وبنعمان طاف منها خيال يا لقومي من طيفها المنتاب عللته وقربته بوعد ذاك منها إلى مشيب الغراب بت في نعمه وبات وسادي بين كف حديثة بخضاب
فسألها ابن عتيق أن تعيده فأبت فخرج من عندها وركب نجيبا فقد مكة وأخذ ابن سريج وأدخله حماما وهيأه ثم جاء به إليها وقال:هذا يغني أحب أن تسمعني منه وتسمعيه قالت:نعم فأمر بالغناء فغنى أبياتا ذكرها الزبير فسألته أن يعيدها فقال له ابن أبي عتيق:خذ نعليك. أتعرفين ابن سريج؟......
ونقل مذهبه في هذا الشوكاني في النيل (8/106).
5-عطاء بن أبي رباح: روى البيهقي عن ابن جريج أنه سأل عطاء عن الغناء بالشعر؟ فقال: لا أرى به بأسا ما لم يكن فحشا. السنن الكبرى (10/225) والفتح (/539)
ونقل ابن قتيبة عن عطاء :أنه ختن ولده وعنده الأبجر يغني. نقله عنه الشوكاني في النيل (8/106) وصاحب إيضاح الدلالات ص 18 وقد روى هذا الفاكهي في أخبار مكة (3/23) مع زيادة في القصة.
وقال الغزالي: وكان لعطاء جاريتان يلحنان فكان إخوته يستمعون إليهما. الإحياء (2/248) وذكره ابن الجوزي في تلبيس إبليس ص 234.
وقال الأستاذ أبو منصور: إنه كان يقسم الأصوات إلى الثقيل الأول وإلى الثقيل الثاني وما بعدهما من المراتب. وروى ابن قتيبة بسنده إلى إبراهيم المخزومي قال:أرسلني أبي إلى عطاء بن أبي رباح أسأله عن مسألة فأتيته فوجدته في دار العقبى وعليه ملحفة معصفرة فقالوا له:يا أبا محمد لو أذنت لنا أرسلنا إلى العريض وابن سريج فقال:افعلوا ما شئتم...فيعثوا إليهما فحضرا وغنيا وعطاء يسمعهما حتى إذا مالت الشمس قام إلى منزله.
6-عمر بن عبد العزيز: روى ابن قتيبة أنه كان قبل الخلافة يسمع من جواريه خاصة ولا يظهر منه إلا الجميل وربما صفق بيديه وتمرغ على فراشه طربا وضرب برجليه. انظر النيل (8/106) وإيضاح الدلالات ص 18
وقد أثبت أمثال الذهبي في السير (5/370) وتاريخ الإسلام (5/19) والمزي في تهذيب الكمال (3/1551) وابن حجر في تهذيب التهذيب (11/311) أنه إبان إمرته على المدينة كان يجالس ويأنس بيعقوب بن دينار الماجشون المشهور بتعليم الغناء واتخاذ القيان.
7-يعقوب بن دينار بن أبي سلمة "أبو يوسف الماجشون": روى الذهبي في السير(5/370) وتاريخ الإسلام (5/19) والمزي في تهذيب الكمال (3/1551) وابن خلكان في وفيات الأعيان (6/276) وابن حجر في تهذيب التهذيب (11/388) عن مصعب بن عبد الله قال: كان يعلم الغناء ويتخذ القيان ظاهرا أمره في ذلك مع صدقه في الرواية.
وقال مصعب الزبيري: إنما سمي الماجشون لكونه كان يعلم الغناء ويتخذ القيان وكان يجالس عروة بن الزبير وعمر بن عبد العزيز في إمرته للمدينة.
وأورد ابن خلكان بعض أسماء المعازف التي كان يستعملها ومنها الكبر والبربط.
8-وقد نقل الشوكاني في النيل (8/105-106) عن عدد آخر من التابعين مثل سالم بن عمر وعبد الرحمن بن حسان وخارجة بن زيد وسعيد بن جبير ومحمد بن شهاب الزهري وإبراهيم بن سعد الزهري وطاوس بن كيسان.
وعن ابن السمعاني: أنه –أي طاوس- رخص في الغناء.
9-عكرمة مولى عبد الله بن عباس: ذكر الذهبي في السير (5/27) قال: قال يزيد بن هارون قدم عكرمة البصرة فأتاه أيوب وسليمان التيمي ويونس فبينا هو يحدثهم إذ سمع صوت غناء فقال: امسكوا ثم قال: قاتله الله لقد أجاد. فأما سليمان ويونس فما عادا إليه وعاد إليه أيوب فأحسن أيوب.
10-سالم بن عبد الله بن عمر: ذكر الحافظ ابن طاهر بسنده أن سالم سمع الغناء من أشعب وساقه ابن السمعاني بأسانيده في أوائل الذيل.
11-سعيد بن جبير: ذكر ابن طاهر بسنده عن امرأة عمرو بن الأصم قالت: مررنا ونحن جوار بسعيد بن جبير ومعنا جارية تغني ومعها دف وهي تقول: لئن فتنتني فهي بالأمس أفتنت سعيدا فأضحى قد قلى كل مسلم وألقى مفاتيح القراءة واشترى وصال الغواني بالكتاب المنمنم.
فقال سعيد:تكذبين تكذبين!! ورواه الفاكهي في تاريخ مكة وابن السمعاني في الذيل.
12-سعد بن إبراهيم: حكاه عنه ابن حزم وابن قدامة الحنبلي وغيرهما. | |
|
| |
Admin المسؤول
عدد المساهمات : 136 نقاط : 11933 تاريخ التسجيل : 05/03/2009 العمر : 56
| موضوع: رد: ملف: الموسيقى والغناء في الميزان الثلاثاء 13 يوليو 2010 - 5:19 | |
| رابعا: أقوال تابعي التابعين ومن بعدهم وأفعالهم -رحم الله الجميع-:
*قال الشوكاني في النيل (8/105): فيما نقله عن ابن النحوي: فهم قوم لا يحصون.
*وذكر منهم الشيخ عبد الغني النابلسي في إيضاح الدلالات عن ابن قتيبة ص 18 في الرخصة: عبد الملك بن جريج وهو من العلماء الحفاظ والفقهاء العباد المجمع على عدالته وجلالته وكان يسمع الغناء ويعرف الألحان ويميز بين البسيط والمديد والخفيف وكان يسمع الغناء فتسيل دموعه على لحيته ثم يقول: إن من الغناء لما يذكر بالجنة.
ونقل ذلك عن الإمام الغزالي في الإحياء (2/249) وذكر ذلك أيضا الأستاذ أبو منصور.
قال صاحب التذكرة الحمدونية:قال داود المكي: كنا في حلقة ابن جريج وهو يحدثنا وعنده جماعة منهم عبد الله بن المبارك وجماعة من العراقيين إذ مر به مغن فقال له: أحب أن تسمعني فقال له:إني مستعجل فألح عليه فغناه فقال له: أحسنت أحسنت ثلاث مرات ثم التفت إلينا فقال:لعلكم أنكرتم فقالوا: إنا ننكره في العراق فقال:ما تقولون في الرجز يعني الحداء؟ قالوا: لا بأس به. قال: وأي فرق بينه وبين الغناء!
*أما محمد بن علي بن أبي طالب فقال ابن قتيبة: أنه سئل عن الغناء فقال: ما أحب أن أمضي إليه ولو دخل علي ما خرجت منه ولو كان في موضع لي فيه حاجة ما امتنعت من الدخول.
*أما محمد بن سيرين فقد روى ابن أبي شيبة عن ابن عون قال: كان في آل محمد (يعني ابن سيرين) ملاك (أي زواج) فلما أن فرغوا ورجع محمد إلى منزله قال لهن (أي للنساء): أين طعامكن؟ قال ابن عون:يعني الدف.
*وأما عبيد الله بن الحسن: فكان من مذهبه إباحة الغناء اتفقت النقلة على ذلك ونصب الفقهاء الخلاف عنه فيه وممن حكاه عنه الساجي في كتابه في الخلاف وابن المنذر في الإشراف والقاضي أبو الطيب وغيرهم.
*إسحاق بن إبراهيم الموصلي: ترجم له الذهبي في السير (11/118-121)فقال: الإِمَامُ، العَلاَّمَةُ، الحَافِظُ، ذُو الفُنُوْنِ، أَبُو مُحَمَّدٍ إِسْحَاقُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ مَيْمُوْنٍ التَّمِيْمِيُّ، المَوْصِلِيُّ، الأَخْبَارِيُّ، صَاحِبُ المُوْسِيقَى، وَالشِّعْرِ الرَّائِقِ، وَالتَّصَانِيْفِ الأَدَبِيَّةِ، مَعَ الفِقْهِ، وَاللُّغَةِ، وَأَيَّامِ النَّاسِ، وَالبَصَرِ بِالحَدِيْثِ، وَعُلُوِّ المَرْتَبَةِ.
وبعد أن ذكر شيوخه وتلاميذه وبعض وقائع حياته وثناء العلماء عليه قال: عَنْ إِسْحَاقَ: أَنَّهُ كَانَ يَكرَهُ أَنْ يُنسَبَ إِلَى الغِنَاءِ، وَيَقُوْلُ: لأَنْ أُضرَبَ عَلَى رَأْسِي بِالمَقَارِعِ، أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ يُقَالَ عَنِّي: مُغَنِّي. وَقَالَ المَأْمُوْنُ: لَوْلاَ شُهْرَةُ إِسْحَاقَ بِالغِنَاءِ، لَوَلَّيْتُهُ القَضَاءَ.
وفي ترجمته في تاريخ بغداد (6/338-345): حدثني أبو سعيد مسعود بن ناصر السجزي حدثنا علي بن أحمد بن إبراهيم السرخاباذى حدثنا أحمد بن فارس بن حبيب حدثني محمد بن عبد الله الدوري بمدينة السلام حدثني علي بن الحسين بن الهيثم حدثنا الحسين بن علي المرداسى قال حدثنا حماد بن إسحاق بن إبراهيم الموصلي قال قال لي أبي قلت ليحيى بن خالد أريد ان تكلم لي سفيان بن عيينة ليحدثنى أحاديث فقال نعم إذ جاءنا فأذكرنى قال فجاءه سفيان بن عيينة فلما جلس أومأت الى يحيى فقال له يا أبا محمد إسحاق بن إبراهيم من أهل العلم والأدب وهو مكره على ما تعلمه منه فقال سفيان ما تريد بهذا الكلام فقال تحدثه بأحاديث قال فتكره ذلك فقال يحيى أقسمت عليك إلا ما فعلت قال نعم فليبكر الى قال فقلت ليحيى افرض لي عليه شيئا فقال له يا أبا محمد افرض له شيئا قال نعم قد جعلت له خمسة أحاديث قال زده قال قد جعلتها سبعة قال هل لك ان تجعلها عشرة قال نعم قال إسحاق فبكرت اليه واستأذنت ودخلت فجلست بين يديه واخرج كتابه فأملى علي عشرة أحاديث فلما فرغ قلت له يا أبا محمد ان المحدث يسهو ويغفل والمحدث أيضا كذلك فان رأيت أن اقرأ عليك ما سمعته منك قال اقرأ فديتك فقرأت عليه وقلت له أيضا ان القارىء ربما اغفل طرفه الحرف والمقروء عليه ربما ذهب عنه الحرف فانا في حل ان أروى جميع ما سمعته منك قال نعم فديتك أنت والله فوق ان تستشفع أو يشفع لك فتعال كل يوم فلوددت ان سائر أصحاب الحديث كانوا مثلك
وقال: حدثنا حسن بن علي المقنعى عن محمد بن موسى الكاتب قال أخبرني يوسف بن يحيى بن علي المنجم عن أبيه عن جده عن إسحاق قال بقيت دهرا من دهرى اغلس في كل يوم الى هشيم أو غيره من المحدثين فاسمع منه ثم اصير الى الكسائي أو الفراء أبو بن غزالة فاقرا عليه جزءا من القرآن ثم آتى الى منصور زلزل فيضاربنى طريقين أو ثلاثة ثم آتى عاتكة بنت شهدة فآخذ منه صوتا أو صوتين ثم آتى الأصمعي وأبا عبيدة فأناشدهما وأحدثهما وأستفيد منهما ثم اصير الى أبي فاعلمه ما صنعت ومن لقيت وما أخذت وأتغدى معه فإذا كان العشى رحلت الى أمير المومنين الرشيد.
وانظر كامل ترجمته في تاريخ بغداد.
*إبراهيم بن سعد بن إبراهيم الزهري (شيخ الشافعي وقد روى له الجماعة): روى الخطيب البغدادي في تاريخه (6/84) أنه سئل عن الغناء فأفتي بتحليله وأتاه بعض أصحاب الحديث ليسمع منه أحاديث الزهري فسمعه يتغنى فقال لقد كنت حريصا على أن أسمع منك فأما الآن فلا سمعت منك حديثا أبدا فقال إذا لا أفقد إلا شخصك علي وعلى أن حدثت ببغداد ما أقمت حديثا حتى أغني قبله وشاعت هذه عنه ببغداد فبلغت الرشيد فدعا به فسأله عن حديث المخزومية التي قطعها النبي صلى الله عليه وسلم في سرقة الحلى فدعا بعود فقال الرشيد أعود المجمر قال لا ولكن عود الطرب فتبسم ففهمها إبراهيم بن سعد فقال لعله بلغك يا أمير المؤمنين حديث السفيه الذي آذاني بالأمس وألجأني إلى أن حلفت قال نعم ودعا له الرشيد بعود فغناه يا أم طلحة إن البين فد أفدا قل الثواء لئن كان الرحيل غدا فقال الرشيد من كان من فقهائكم يكره السماع قال من ربطه الله قال فهل بلغك عن مالك بن أنس في هذا شيء قال لا والله إلا أن أبي أخبرني أنهم اجتمعوا في مدعاة كانت في بني يربوع وهم يومئذ جلة ومالك أقلهم من فقهه وقدره ومعهم دفوف ومعازف وعيدان يغنون ويلعبون ومع مالك دف مربع وهو يغنيهم سليمى أجمعت بينا فأين لقاؤها أينا وقد قالت لأتراب لها زهر تلاقينا تعالين فقد طاب لنا العيش تعالينا فضحك الرشيد ووصله بمال عظيم.
*المنهال بن عمرو الأسدي مولاهم الكوفي: وهو ثقة من رجال الحديث المعروفين وكان حسن الصوت وكان له لحن يقال له: وزن سبعة. وكان يأذن لبناته بضرب الطنبور. قال شعبة بن الحجاج: أتيت منزل المنهال فسمعت منه صوت الطنبور فرجعت ولم أسأله. قال ابن أبي حازم بعد ذكر هذه الحكاية: فإن هذا ليس بجرح إلا إن تجاوز إلى حد التحريم ولم يصح ذلك عنه وجرحه بهذا تعسف ظاهر. ذكر ذلك كله ابن عدي في الكامل (6/233) والذهبي في الميزان (4/193) وابن حجر في تهذيب التهذيب (10/319).وقال الألباني في تحريم آلات الطرب: وإسناده إلى شعبة صحيح. وقال الذهبي: وهو لا يوجب غمز الشيخ وقال مثله الحافظ ابن حجر.
*سفيان بن عيينة: ذكر ذلك عنه الشيخ الماوردي في "الحاوي" (2/548). وكذلك نقل عنه الحافظ الزبير بن بكار –وهو تلميذه- في الموفقيات (نقله عنه الحافظ النابلسي في إيضاح الدلالات ص 22) في قصة قدوم ابن جامع مكة بمال كثير فقال سفيان لأصحابه: علام يعطي ابن جامع هذه الأموال؟ قالوا :على الغناء . قال:ما يقول؟ قالوا: يقول: أطوف بالبيت مع من يطوف وأرفع من مئزري للعمل وأسجد بالليل حتى الصباح وأتلوا من المحكم المنزل
قال: أحسن وأصلح ثم ماذا؟ قالوا: يقول:
عسى فارج الهم عن يوسف يسخر لي ربة المحمل
قال:أفسد الخبيث ما أصلح لا سخرها الله له.
وساقه المبرد في الكامل إلا أنه قال: حلالا حلالا.
*الحافظ إياس بن معاوية: روى ذلك عنه الفاكهي في أخبار مكة (3/24) بإسناد حسن: حدثنا محمد بن إدريس بن عمر قال: ثنا الحميدي قال: ثنا سفيان عن هشام بن حجير عن إياس بن معاوية قال: إنه ذكر الغناء فقال: هو بمنزلة الريح يدخل من هذه ويخرج من هذه. قال سفيان: يذهب إلى أنه لا بأس به.
* وقد ذكر الحافظ ابن دقيق العيد في كتابه "اقتناص السوانح" نبذة من ذلك وساق بأسانيده عن الصحابة رضوان الله عليهم ممن قدمنا ذكره ثم قال:
بعد ذكرنا هذه الجملة من الحجة لما بلغني من إنكار جاهل بمعرفة الآثار وما درج عليه المهاجرون والأنصار.. إلى قوله سئل محمد بن كعب القرظي: ما حد الخزلان؟ فقال:أن يقبح الرجل ما كان مستحسنا ويستحسن ما كان قبيحا (انظر إيضاح الدلالات ص22).
*وقال الشوكاني في رسالته في السماع ص 18: إن السماع بآلة وغيرها من مواطن الخلاف بين أهل العلم ومن المسائل التي ينبغي التشديد في النكير على فاعلها. وهذا الغرض هو الذي حملنا على جمع هذه الرسالة لأن في الناس من يزعم لقلة عرفانه بعلوم الاستدلال وتعطل جوابه عن الدراية بالأقوال: إن تحريم الغناء بآلة وغيرها من القطعيات المجمع على تحريمها. وقد علمت أن هذه الفرية ما فيها مرية وجهالة لا محالة وقصر باع بغير نزاع. فهذا هو الأمر الباعث على جمع هذه المباحث: لما لا يخفى على عارف أن رمي من ذكرنا من الصحابة والتابعين وتابعيهم وجماعة من أئمة المسلمين بارتكاب محرم قطعا من أشنع الشنع وأبدع البدع وأوحش الجهالات وأفحش الضلالات فقصدنا الذب عن أعراضهم الشريفة والدفع عن هذا الجناب للعقول السخيفة..أ.هـ
*ويقول ابن كنانة في شرح الخرشي على خليل (3/304): تجوز الزمارة والبوق التي لا تلهي كل اللهو. ويقول الونشريسي في المعيار (11/108): لما سئل عن الضرب بالطار المزنج والأكف؟ هل ذلك مما يجوز سماعه أو هو مكروه أو محرم. فأجاب:الطار المزنج والضرب بالأكف لا يقال في ذلك إنه حرام بمجرده إلا أن يقترن به محرم فيحرم بسبب ما صحبه لكن ضرب الأكف من باب اللهو يفتقر ذلك في العرس الذي أباح الشرع فيه بعض اللهو وأما في غير ذلك فهو لعب ولهو ولا يتعاطى ذلك مهتم بدينه أ.هـ
*مسعود الكاساني الحنفي: جاء في بدائع الصنائع (9/4030) أنه قال في شهادة المغني: و إن كان يفعل ذلك مع نفسه لدفع الوحشة لا تسقط عدالته لأن ذلك مما لا بأس به ، لأن السماع مما يرقق القلوب ، لكن لا يحل الفسق به . و أما الذي يضرب شيئاً من الملاهي فإنه ينظر إن لم يكن مستشنعاً كالقصب و الدف و نحوه لا بأس به و لا تسقط عدالته ، و إن كان مستشنعاً كالعود و نحوه سقطت عدالته ، لأنه لا يحل بوجه من الوجوه .
*الإمام أبو حنيفة: نقل ابن قتيبة في الرخصة: عن الإمام أبي حنيفة أنه كان له رجل وكان في كل ليلة يغني وكان يستمع إليه وذات مرة فقد صوته فسأل عنه؟ فقيل: إنه وجد بالليل فسجن فلبس أبو حنيفة عمامته وتوجه إلى الأمير ابن عيسى فشفع فيه فأخرج من سجنه. أ.هـ باختصار. وذكرها ابن عبد ربه في العقد الفريد وكذلك أوردها بزيادات كثيرة الحافظ أبو محمد عبد الواحد بن علي التميمي المراكشي صاحب كتاب (المعجب في أخبار أهل المغرب)
يقول الشيخ عبد الغني النابلسي في إيضاح الدلالات ص 20 بتصرف: تضمنت الحكاية أنه كان يستمع ومع ذلك لم ينكر عليه وما ذلك إلا لأن الغناء مباح وإلا فمقام المفتي والمرشد لا يقر على الخطأ ويشفع لأهله وما ورد عن أبي حنيفة بخلافه يحمل على الغناء المقترن بشئ من الفحش أو المنكر جمعا بين القول والفعل. وذكر هذه الفائدة الكمال الأدفوي في الإمتاع.
حكى صاحب التذكرة الحمدونية أنه سئل هو وسفيان الثوري عن الغناء فقالا: ليس من الكبائر ولا من أسوأ الصغائر.
*الإمام مالك بن أنس: قال القرطبي في تفسيره (14/55): حكى عنه –أي عن مالك- زكريا الساجي أنه كان لا يرى بالغناء بأسا. قال الونشريسي في المعيار (11/80): قال معن بن عيسى: أتى ابن سرجون الشاعر إلى مالك وقال له :قلت شعرا وأردت أن تراه وتسمعه فقال مالك: لا –وظن أنه هجاه- فقال: لتسمعنه فقال:هات فأنشده:
سلوا مالك المفتي عن اللهو والغنا وحب الحسان المعجبات العواتك فيفتيكم أني مصيب وإنما أسلي هموم النفس عني بذلك فهل محب يكتم الحب والنوى أثام وهل في صحة المتهالك قال:فضحك مالك وكان قليل الضحك.
وقال مالك: إن اللهو الخفيف مثل الدف والكبر فإني أراه خفيفا. قاله ابن القاسم والخرشي على مختصر خليل (3/304) وانظر التمهيد لابن عبد البر (10/180). ونقل الشوكاني عن القفال أن مالكا أباح الغناء والمعازف. وحكى الإباحة عنه أبو القاسم القشيري والأستاذ أبو منصور وغيرهما.
ويقول الزبيدي في الإتحاف (7/575) بعد أن ذكر أنه سأل فضلاء المالكية عن نص عن مالك في الحرمة فأخبروه أنه لا يوجد فقال ما ملخصه: وبالجملة:فإذا لم يكن له نص في المسألة فما استنبطوه غير متجه إذ هو محتمل وما نقل عنه بالإسناد أنه سئل عنه فقال: إنما يفعله عندنا الفساق محتمل وأنه لا يجوز: محمول على غناء يقترن به منكر ونحوه جمعا بين النقول التي قدمناها التي هي صريحة وأيضا فقوله: إنما يفعله عندنا الفساق محتمل أن الذين نعهدهم أو نعرفهم يسمعونه عندنا وصفهم كذا فلا يدل على التحريم كما إذا قلت: ما قولك في المتفرجين في البحر؟ فتقول: إنما يفعله عندنا أهل اللعب والفساد فلا دلالة على تحريم فرجة البحر.
*الإمام الشافعي: يقول في الأم (6/209): إذا كان يرضى بالغناء لنفسه كان مستخفا وإن لم يكن محرما بين التحريم. وقال الإمام الغزالي في الإحياء: ليس تحريم الغناء من مذهبه أصلا.
وقال يونس بن عبد الأعلى: سألت الشافعي رحمه الله عن إباحة أهل المدينة للسماع؟ فقال:لا أعلم أحدا من علماء الحجاز كره السماع إلا ما كان منه في الأوصاف فأما الحداء وذكر الأطلال والمرابع وتحسين الصوت بألحان الشعر فمباح. ذكره الزبيدي في شرح الإحياء (2/284).
*الإمام أحمد: يقول ابن الجوزي في تلبيس إبليس ص 221 : وقد روينا أن أحمد سمع قوالا عند ابنه صالح فلم ينكر عليه . فقال له صالح : يا أبت أليس كنت تنكر هذا ؟ فقال : إنما قيل لي أنهم يستعملون المنكر فكرهته ، فأما هذا فإني لا أكرهه . قال المصنف رحمه الله : قلت ، وقد ذكر أصحابنا عن أبي بكر الخلال وصاحبه عبد العزيز إباحة الغناء .
وقال بن عقيل في كتابه المسمى بالفصول: صحت الرواية عن أحمد أنه سمع الغناء عن ابنه صالح وذكر ذلك شارح المقفى.
*ترجم البخاري في صحيحه باب سنة العيدين لأهل الإسلام حيث جعل الغناء يوم العيد من سنن الإسلام كما فعل ذلك وقاله رسول الله –ص-.
وترجم الإمام مسلم باب الرخصة في اللعب الذي لا معصية فيه في أيام العيد.
وعددا في صحيحيهما من تلك السنن: غناء الجاريتين في بيت رسول الله –ص-عند عائشة.
,وترجم الحافظ النسائي في سننه "باب الرخصة في الاستماع إلى الغناء وضرب الدف يوم العيد" وترجم في النكاح ب"اللهو والغناء عند العرس".
,وترجم ابن ماجة "باب إعلان النكاح"وذكر الضرب الدف ثم ترجم "باب الغناء والدف".
,ترجم البيهقي في السنن الكبرى باب ما لا ينهى عنه من اللعب وباب لا بأس باستماع الحداء ونشيد الأعراب كثر أو قل. ,ترجم الحاكم في مستدركه بعنوان :"رخصة الغناء في العرس" رواه عنه ابن الجوزي قال: وقد أنبأنا زاهر بن طاهر قال أنبأنا أبو عثمان الصابوني وأبو بكر البيهقي قالا أنبأنا الحاكم أبو عبد الله النيسابوري قال : أكثر ما التقيت أنا وفارس بن عيسى الصوفي في دار أبي بكر الابريسمي للسماع من هزارة رحمها الله فإنها كانت من مستورات القوالات . وعزاه ابن الجوزي لكتاب "تاريخ نيسابور". | |
|
| |
Admin المسؤول
عدد المساهمات : 136 نقاط : 11933 تاريخ التسجيل : 05/03/2009 العمر : 56
| موضوع: رد: ملف: الموسيقى والغناء في الميزان الثلاثاء 13 يوليو 2010 - 5:21 | |
|
الأدلة القرآنية لمحرمي الغناء ومدى دلالتها الدليل الأول: قال تعالى: "ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذها هزوا أولائك لهم عذاب مهين".
وجه الاستدلال: صح عن ابن مسعود وابن عباس وابن عمر رضي الله عنهم أن: (لهو الحديث) في الآية هو الغناء ,وأقسم ابن مسعود على ذلك فقال: هو –والله- الغناء! ذكر ذلك ابن القيم وغيره ثم نقل عن الحاكم في التفسير من المستدرك قوله: ليعلم طالب هذا العلم أن تفسير الصحابي الذي شهد الوحي والتنزيل عند الشيخين حديث مسند. وقال في موضع آخر من كتابه: هو عندنا في حكم المرفوع. قال ابن القيم: وهذا –وإن كان فيه نظر- فلا ريب أنه أولى بالقبول من تفسير من بعدهم (انظر إغاثة اللهفان لابن القيم ج1 ص 258). وذكر الواحدي: أن أكثر المفسرين على أن المراد بلهو الحديث: الغناء وهو قول مجاهد وعكرمة (انظر المصدر السابق ص 257 وانظر سنن البيهقي (10/223) وقد زاد: إبراهيم النخعي).
وقفات مع الاستدلال: الأولى: أن هذا ليس هو التفسير الوحيد للآية فقد فسره بعضهم بأن المراد به:أخبار وقصص الأعاجم وملوكهم وملوك الروم ونحو ذلك مما كان النضر بن الحارث –أحد مشركي قريش العتاة- يحدث به أهل مكة يشغلهم به عن القرآن وقد ذكر ذلك ابن القيم نفسه.
الثانية: أننا لا نسلم أن تفسير الصحابي في حكم المرفوع إلا فيما كان من سبب نزول ونحوه بل هو في الغالب فهم له في القرآن كثيرا ما يعارضه غيره من الصحابة ولو كان كله مرفوعا ما تعارض ولا اختلف.
الثالثة: أننا لو سلمنا بصحة هذا التفسير وأنه في حكم المرفوع بل لو كان مرفوعا فعلا لم يكن حجة في موضع النزاع هنا فالآية لا تذم مجرد من يشتغل بالغناء أو لهو الحديث بل تذم وتتوعد بالعذاب المهين من يشتريه ليضل عن سبيل الله ويتخذها هزوا وهذا غير ما نحن فيه.
كلمة لابن حزم: وما أبلغ ما قاله ابن حزم في الرد على من احتج بقول ابن مسعود أو غيره هنا: قال أبو محمد: لاَ حُجَّةَ فِي هَذَا كُلِّهِ لِوُجُوهٍ: أَحَدُهَا: أَنَّهُ لاَ حُجَّةَ لأََحَدٍ دُونَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
وَالثَّانِي: أَنَّهُ قَدْ خَالَفَ غَيْرَهُمْ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ. وَالثَّالِثُ: أَنَّ نَصَّ الآيَةِ يُبْطِلُ احْتِجَاجَهُمْ بِهَا؛ لأََنَّ فِيهَا " وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ" وَهَذِهِ صِفَةٌ مَنْ فَعَلَهَا كَانَ كَافِرًا، بِلاَ خِلاَفٍ، إذَا اتَّخَذَ سَبِيلَ اللَّهِ تَعَالَى هُزُوًا. وَلَوْ أَنَّ امْرَأً اشْتَرَى مُصْحَفًا لِيُضِلَّ بِهِ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَتَّخِذُهَا هُزُوًا لَكَانَ كَافِرًا،فَهَذَا هُوَ الَّذِي ذَمَّ اللَّهُ تَعَالَى، وَمَا ذَمَّ قَطُّ، عَزَّ وَجَلَّ، مَنْ اشْتَرَى لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيَلْتَهِيَ بِهِ وَيُرَوِّحَ نَفْسَهُ، لاَ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ تَعَالَى، فَبَطَلَ تَعَلُّقُهُمْ بِقَوْلِ كُلِّ مَنْ ذَكَرْنَا. وَكَذَلِكَ مَنْ اشْتَغَلَ عَامِدًا عَنْ الصَّلاَةِ بِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ، أَوْ بِقِرَاءَةِ السُّنَنِ، أَوْ بِحَدِيثٍ يَتَحَدَّثُ بِهِ، أَوْ يَنْظُرُ فِي مَالِهِ، أَوْ بِغِنَاءٍ، أَوْ بِغَيْرِ ذَلِكَ، فَهُوَ فَاسِقٌ، عَاصٍ لِلَّهِ تَعَالَى، وَمَنْ لَمْ يُضَيِّعْ شَيْئًا مِنْ الْفَرَائِضِ اشْتِغَالاً بِمَا ذَكَرْنَا فَهُوَ مُحْسِنٌ.(انظر المحلى 9/10).
وما قاله ابن حزم أكده الإمام أبو حامد الغزالي فقال تعقيبا على من احتج بالآية على تحريم الغناء: وأما شراء لهو الحديث بالدين استبدالا به ليضل به عن سبيل الله فهو حرام مذموم وليس النزاع فيه وليس كل غناء بدلا عن الدين مشترى به ومضلا عن سبيل الله تعالى وهو المراد في الآية ولو قرأ القرآن ليضل به عن سبيل الله لكان حراما. وأيد هذا بما حكي عن بعض المنافقين: أنه كان يؤم الناس ولا يقرأ إلا سورة عبس لما فيها من العتاب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فهم عمر بقتله ورأى فعله حراما لما فيه من الإضلال فالإضلال بالشعر والغناء أولى بالتحريم. انظر الإحياء (2/260) وما بعدها.
دلالة الوعيد الشديد في الآية: ومما يؤكد ما ذكره ابن حزم والغزالي: أن الآية تضمنت وعيدا شديدا على هذا الفعل مما يدل على أنه ليس مجرد لهو وترويح كما أن الآية التالية للآية المحتج بها تضمنت زيادة بيان لأوصاف هذا الصنف من الناس الذي عنته الآية إذ قال تعالى بعدها: "وإذا تتلى عليه آياتنا ولى مستكبرا كأن لم يسمعها كأن في أذنيه وقرا فبشره بعذاب أليم". وهذا لا يوصف به مسلم يعتقد أن القرآن كلام الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد. ولذا نجد الإمام ابن القيم –وهو من أشد القائلين بتحريم الغناء- يعترف بأن الآيات تضمنت ذم من استبدل لهو الحديث بالقرآن ليضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذها هزوا وإذا يتلى عليه القرآن ولى مستكبرا كأن لم يسمعها كأن في أذنيه وقرا –وهو الثقل والصمم- وإذا علم منه شيئا استهزأ به فمجموع هذا لا يقع إلا من أعظم الناس كفرا (انظر إغاثة اللهفان ج1 ص 259). ومن هنا نرى أن تطبيق الآيتين الكريمتين بما تضمنتا من أوصاف وما اشتملتا عليه من وعيد شديد على مجرد من اشتغل بالغناء تلهيا وترويحا للنفس في غاية البعد لمن أنصف وتدبر القرآن. يؤيد هذا ما نقله الإمام ابن جرير الطبري في تفسيره من طريق ابن وهب قال:قال ابن زيد في قوله تعالى "ومن الناس من يشتري لهو الحديث.."الآية. قال: هؤلاء أهل الكفر ألا ترى إلى قوله تعالى "وإذا تتلى عليه آياتنا ولى مستكبرا كأن لم يسمعها كأن في أذنيه وقرا" فليس هكذا أهل الإسلام. قال: وناس يقولون: هي فيكم، وليس كذلك، قال: وهو الحديث الباطل الذي كانوا يلغون فيه.(انظر تفسير الطبري (10/41). وقال الإمام ابن عطية: والذي يترجح أن الآية نزلت في لهو الحديث مضاف إلى الكفر فلذلك اشتدت ألفاظ الآية بقوله: "ليضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذها هزوا" وبالتوعد بالعذاب المهين (انظر تفسير ابن عطية ج11 ص 484). وهذا هو ما اختاره الإمام الفخر الرازي في تفسيره ولم يذكر غيره فانظره غير مأمور في التفسير الكبير للرازي ج 13 ص 141-142.
| |
|
| |
Admin المسؤول
عدد المساهمات : 136 نقاط : 11933 تاريخ التسجيل : 05/03/2009 العمر : 56
| موضوع: رد: ملف: الموسيقى والغناء في الميزان الثلاثاء 13 يوليو 2010 - 5:22 | |
| الدليل الثاني: 2- قوله تعالى: "وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه" في معرض مدح المؤمنين. وجه الاستدلال: قالوا: الغناء من اللغو فوجب الإعراض عنه. ويجاب عن ذلك بأن الظاهر من الآية الكريمة أن المراد من اللغو فيها هو سفه القول من السب والشتم ونحو ذلك وبقية الآية تنطق بذلك قال تعالى: "وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه وقالوا لنا أعمالنا ولكم أعمالكم سلام عليكم لا نبتغي الجاهلين" فهي شبيهة بقوله تعالى في وصف عباد الرحمن: "وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما". ولو سلمنا أن اللغو في الآية يشمل الغناء لوجدنا أن الآية تستحب الإعراض عن سماعه وتمدحه وليس فيها ما يوجب ذلك. وكلمة "اللغو" ككلمة "الباطل" تعني ما لا فائدة فيه وسماع ما لا فائدة فيه ليس محرما ما لم يضيع حقا أو يشغل عن واجب. روى عن ابن جريج أنه كان يرخص في السماع فقيل له أيؤتى يوم القيامة في جملة حسناتك أو سيئاتك فقال لا في الحسنات ولا في السيئات لأنه شبيه باللغو وقال الله تعالى لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم.
قال الإمام الغزالي: (إذا كان ذكر اسم الله تعالى على الشيء على طريق القسم من غير عقد عليه ولا تصميم والمخالفة فيه مع أنه لا فائدة فيه لا يؤاخذ فكيف يؤاخذ به بالشعر والرقص؟)
على أننا نقول: ليس كل غناء لغوا إنه يأخذ حكمه وفق نية صاحبه فالنية الصالحة تحيل اللهو قربة والمباح طاعة والنية الخبيثة تحبط العمل الذي ظاهره العبادة وباطنه الرياء وفي الصحيح: "إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم".
وننقل هنا كلمة جيدة قالها الإمام ابن حزم في المحلى ردا على الذين يمنعون الغناء قال: (وَاحْتَجُّوا فَقَالُوا: مِنْ الْحَقِّ الْغِنَاءُ أَمْ مِنْ غَيْرِ الْحَقِّ، وَلاَ سَبِيلَ إلَى قِسْمٍ ثَالِثٍ فَقَالُوا: وَقَدْ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: (فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلاَّ الضَّلاَلُ) فَجَوَابُنَا وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ وَلِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى فَمَنْ نَوَى بِاسْتِمَاعِ الْغِنَاءِ عَوْنًا عَلَى مَعْصِيَةِ اللَّهِ تَعَالَى فَهُوَ فَاسِقٌ، وَكَذَلِكَ كُلُّ شَيْءٍ غَيْرُ الْغِنَاءِ، وَمَنْ نَوَى بِهِ تَرْوِيحَ نَفْسِهِ لِيَقْوَى بِذَلِكَ عَلَى طَاعَةِ اللَّهِ، عَزَّ وَجَلَّ، وَيُنَشِّطَ نَفْسَهُ بِذَلِكَ عَلَى الْبِرِّ فَهُوَ مُطِيعٌ مُحْسِنٌ، وَفِعْلُهُ هَذَا مِنْ الْحَقِّ، وَمَنْ لَمْ يَنْوِ طَاعَةً، وَلاَ مَعْصِيَةً، فَهُوَ لَغْوٌ مَعْفُوٌّ عَنْهُ كَخُرُوجِ الْإِنْسَانِ إلَى بُسْتَانِهِ مُتَنَزِّهًا، وَقُعُودِهِ عَلَى بَابِ دَارِهِ مُتَفَرِّجًا وَصِبَاغِهِ ثَوْبَهُ لاَزَوَرْدِيًّا أَوْ أَخْضَرَ أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ، وَمَدِّ سَاقِهِ وَقَبْضِهَا وَسَائِرِ أَفْعَالِهِ) انظر المحلى (9/60) . | |
|
| |
Admin المسؤول
عدد المساهمات : 136 نقاط : 11933 تاريخ التسجيل : 05/03/2009 العمر : 56
| موضوع: رد: ملف: الموسيقى والغناء في الميزان الثلاثاء 13 يوليو 2010 - 5:23 | |
| الدليل الثالث: 3-قوله تعالى: "والذين لا يشهدون الزور".
وجه الاستدلال:جاء عن بعض السلف تفسير الزور بأنه الغناء. قال محمد بن الحنفية: الزور هنا: اللهو والغناء. وكذلك روي عن الحسن ومجاهد وأبي الجحاف. وتسمية الغناء زورا تدل على حرمته. وقال الكلبي:لا يحضرون مجالس الباطل أي والغناء منها (انظر هذا الأقوال في إغاثة اللهفان (1/260) وبعده).
ولنا مع هذه الأقوال وقفات أيضا: أولاها: أن بعض المفسرين فسر "والذين لا يشهدون الزور" تفسيرا يبعد به عن مجال الغناء وأمثاله فجعله من الشهادة لا من الشهود يعني أنهم الذين لا تقع منهم شهادة الزور وإن كنت لا أرجح هذا التفسير فعن قتادة قال: الكذب وعن الضحاك قال: الشرك. ثانيتها:أن بعضهم فسر الزور بأعياد المشركين وما كان فيها من ضلالات الجاهلية وانحرافات الوثنية وتقرب إلى الأصنام ونحو ذلك. رواه الخطيب عن ابن عباس وقريب منه قول عكرمة: لعب كان في الجاهلية (انظر الدر المنثور ج5 ص 80) وقد يلحق بها ما كان في معناها مما يصنعه بعض المبتدعين والمنحرفين حول أضرحة الأولياء وما أشبه ذلك. والقاعدة:أن الدليل إذا تطرق إليه الاحتمال سقط به الاستدلال.
ثالثتها:إن صح تفسير الزور هنا بأنه الغناء فالمراد به: الغناء الذي يحرض على الفسق ويصد عن ذكر الله وعن الصلاة ويقترن بالمنكرات. رابعتها:أن ليس في الآية ما يدل على الوجوب إنما تمدح الآية من فعل ذلك من عباد الرحمن كما مدحتهم آية أخرى بأنهم: "يبيتون لربهم سجدا وقياما" وليس هذا من الواجبات المفروضات بل من الكمالات المستحبة. | |
|
| |
Admin المسؤول
عدد المساهمات : 136 نقاط : 11933 تاريخ التسجيل : 05/03/2009 العمر : 56
| موضوع: رد: ملف: الموسيقى والغناء في الميزان الثلاثاء 13 يوليو 2010 - 5:25 | |
| الدليل الرابع: 4-قوله تعالى: "واستفزز من استطعت منهم بصوتك". وجه الاستدلال: ذهب بعض المفسرين إلى أن المراد بصوت الشيطان في الآية: الغناء. فعن مجاهد قال:صوته:الغناء والمزامير واللهو. وقال الضحاك:صوت المزمار.
ويرد عليه بالآتي: هذا تفسير غير معصوم فلا يلزمنا وقد خالفه آخرون فعن ابن عباس:صوته: كل داع يدعو إلى معصية الله تعالى. وقيل:بصوتك: أي بوسوستك.(انظر تفسير القرطبي ج 10 ص 288) وعند وجود الاحتمال يسقط الاستدلال. والحقيقة:أن الذي يفهم من الآية ليس المعنى الظاهري من الألفاظ بل المقصود هنا أن يقال لإبليس اللعين:اشحذ كل أسلحتك لإضلال بني آدم واجمع عليهم ما تقدر عليه من جندك وكيدك فإنك لن تستطيع أن تضل المخلصين من عباد الله.
الدليل الخامس: 5-قوله تعالى: "وأنتم سامدون" وجه الاستدلال: روى عكرمة عن ابن عباس قال: هو الغناء بلغة حمير. يقال: سمد لنا أي غن لنا، فكانوا إذا سمعوا القرآن يتلى تغنوا ولعبوا حتى لا يسمعوا.
ولكن رويت في معنى الكلمة تفسيرات أخرى: عن ابن عباس نفسه فقد روى عنه والوالبي والعوفي: سامدون أي لاهون معرضون. وقال القرطبي:المعروف في اللغة"سمد يسمد سمودا: إذا لها وأعرض. وقال الضحاك: سامدون شامخون متكبرون. وفي الصحاح: سمد سمودا رفع رأسه تكبرا وكل رافع رأسه فهو سامد. وروي عن علي رضي الله عنه أن معنى "سامدون" أن يجلسوا غير مصلين ولا منتظرين الصلاة. وقال الحسن: واقفون للصلاة قبل وقوف الإمام. وقال المبرد: سامدون خامدون؛ قال الشاعر: أتى الحدثان نسوة آل حرب بمقدور سمدن له سمودا (انظر في كل هذا تفسير القرطبي ج 18 ص 133). ومن المقرر أن كل دليل تطرق إليه الاحتمال سقط به الاستدلال. قال الإمام الغزالي ردا على من احتجوا بالآية المذكورة: ينبغي أن يحرم الضحك وعدم البكاء أيضا لأن الآية تشتمل عليه (يقصد قوله تعالى: "وتضحكون ولا تبكون"). فإن قيل إن ذلك مخصوص بالضحك على المسلمين لإسلامهم فهذا أيضا مخصوص بأشعارهم وغنائهم في معرض الاستهزاء بالمسلمين كما قال تعالى "والشعراء يتبعهم الغاوون" وأراد به شعراء الكفار ولم يدل ذلك على تحريم نظم الشعر في نفسه. (انظر الإحياء ج2 ص 285). وبهذا البيان نرى أنه لا توجد في القرآن الكريم آية واحدة تنهض للاحتجاج بها على تحريم الغناء. والحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله. انتهى بتصرف يسير من كتاب الشيخ القرضاوي فقه الغناء والموسيقى ص29-39.
| |
|
| |
Admin المسؤول
عدد المساهمات : 136 نقاط : 11933 تاريخ التسجيل : 05/03/2009 العمر : 56
| موضوع: رد: ملف: الموسيقى والغناء في الميزان الثلاثاء 13 يوليو 2010 - 5:26 | |
| أحاديث تحريم الغناء في الميزان فهذه إعادة لموضوع حكم الغناء وآلاته رأينا إعادة نشرها مرة أخرى للفائدة.
وينبغي أن نشير إلى أن غالب الموضوع أخذ من كتابي الشيخ القرضاوي "فقه الغناء والموسيقى" من منشورات مكتبة وهبة ,وكتاب الدكتور سالم الثقفي "أحكام الغناء والمعازف وأنواع الترفيه الهادف" وهو من منشورات دار البيان بالقاهرة وكنت عما قريب بسور الأزبكية بالقاهرة ووجدت أحد البائعين به يقول إنه قد اشترى دار البيان ويبيع الكتاب بسعر زهيد جدا وهو 15 جنيها. على أننا لم نكتف بالكتابين فقط وإنما أضفنا بعض الأبحاث الأخرى واجتنبنا بعض زلات الكتابين وقصورهما كما اطلعنا على بعض الأبحاث الأخرى ونعدكم بغضافة المزيد إن شاء الله تعالى.
أقوال العلماء في أحاديث الغناء:
قال ابن حزم في المحلى (9/59): ولا يصح في هذا الباب شئ أبدا وكل ما فيه فموضوع ومنقطع. وقال: والله لو أسند جميعه أو واحد منه فأكثر من طريق الثقات إلى رسول الله –صلى الله عليه وسلم- لما ترددنا في الأخذ به.
وقد وافق ابن حزم على ذلك أبو بكر بن العربي المالكي (أحكام القرآن)(3/1494) وقال: لم يصح في التحريم شئ بحال.
وكذلك قاله الغزالي (3/250) وابن النحوي في العمدة وهكذا ابن طاهر: إنه لم يصح منها حرف واحد (النيل 8/107).
قال الشوكاني مقرا بذلك: والمراد ما هو مرفوع منها وإلا فحديث ابن مسعود في تفسير قوله تعالى: "ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله" قد تقدم أنه صحيح...أ.هـ
وقال العلامة الفاكهاني: "لم أعلم في كتاب الله، ولا في السنة، حديثًا صحيحًا صريحًا في تحريم الملاهي، وإنما هي ظواهر وعمومات يُتأنّس بها، لا أدلة قطعية" نقله عنه الشوكاني في النيل.
الحديث الأول: الحديث الذي رواه البخاري قال: وقال هشام بن عمار : حدثنا صدقة بن خالد : حدثنا عبد الرحمن بن يزيد بن جابر : حدثنا عطية بن قيس الكلابي : حدثني عبد الرحمن بن غنم الأشعري قال : حدثني أبو عامر أو أبو مالك الأشعري - والله ما كذبني - سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول : " ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف . ولينزلن أقوام إلى جنب علم يروح عليهم بسارحة لهم يأتيهم لحاجة فيقولون : ارجع إلينا غدا فيبيتهم الله ويضع العلم ويمسخ آخرين قردة وخنازير إلى يوم القيامة".
قال ابن حزم بأنه منقطع بين البخاري وبين صدقة بن خالد وقد رجح بعض العلماء أنه سقط قلم خاصة أن "هشام بن عمار" بينهما وقال بعضهم أنه كان يقصد أن الانقطاع بين البخاري وهشام بن عمار.
وقد أجاب المانعون على هذه النقطة بأنه: قد وصل الحديث لهشام بن عمار في أماكن أخرى برواة ثقات كالآتي:
أ-وصله الإسماعيلي في مستخرجه على صحيح البخاري عن الحسن بن سفيان حدثنا هشام بن عمار حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ حَدَّثَنَا عَطِيَّةُ بْنُ قَيْسٍ الْكِلَابِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ غَنْمٍ الْأَشْعَرِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو عَامِرٍ أَوْ أَبُو مَالِكٍ الْأَشْعَرِيُّ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَيَكُونَنَّ مِنْ أُمَّتِي أَقْوَامٌ يَسْتَحِلُّونَ الْحَرِيرَ وَالْخَمْرَ وَالْمَعَازِفَ.(الفتح 10/53).
ب-وصله الحافظ أبو نعيم أيضا في مستخرجه على البخاري بلفظه من رواية عبدان بن محمد المروزي ومن رواية أبي بكر الباغندي كلاهما عن هشام بن عمار به (حاشية المعجم الكبير للطبراني 3/282).
ج-وصله الطبراني في المعجم الكبير (3/282) حدثنا موسى بن سهل الجوني البصري ثنا هشام بن عمار ثنا صدقة بن خالد ثنا بن جابر ثنا عطية بن قيس الكلابي ثنا عبد الرحمن بن غنم حدثني أبو عامر أو أبو مالك الأشعري والله ما كذبني أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ليكونن في أمتي أقوام يستحلون الحرير والخمر والمعازف...الحديث.
د-ورواه الطبراني في مسند الشاميين (588) عن محمد بن يزيد بن عبد الصمد عن هشام بن عمار به.
هـ-ورواه ابن حبان في صحيحه (8/265) أخبرنا الحسين بن عبد الله القطان ، قال : حدثنا هشام بن عمار ، قال : حدثنا صدقة بن خالد ، قال : حدثنا ابن جابر ، قال : حدثنا عطية بن قيس ، قال : حدثنا عبد الرحمن بن غنم ، قال : حدثنا أبو عامر و أبو مالك الأشعريان سمعا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (( ليكونن في أمتي أقوام يستحلون الحرير والخمر والمعازف)) .
و-في السنن الكبرى للبيهقي (10/221): أخبرنا أبو عمرو محمد بن عبد الله الأديب أنبأ أبو بكر الإسماعيلي أخبرني الحسن يعني ابن سفيان ثنا هشام بن عمار ثنا صدقة يعني ابن خالد ثنا ابن جابر عن عطية بن قيس عن عبد الرحمن بن غنم حدثني أبو عامر أو أبو مالك الأشعري ، والله يميناً أخرى ، ما كذبني : أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :" ليكونن في أمتي أقوام يستحلون الحرير والخمر والمعازف ...الحديث".
وكل ما سبق من إسناد هذه الروايات بعد هشام بن عمار بإسناد البخاري السابق عن أبي عامر أو أبي مالك الأشعري "بالشك" إلا من طريق ابن حبان فهو من روايتهما معا بالجزم.
وقد رد المجيزون بالآتي: يرد بأن وصله بالاستخراج من جهة الإسماعيلي وأبي نعيم ومن جهة الطبراني من وجهين ومن جهة ابن حبان والبيهقي من وجه عن هشام بن عمار.
نقول:وصله من هذه الوجوه كلها لا يفيد شيئا ولا يرفع الإشكال الحاصل في الحديث بل لا يقدم ولا يؤخر مثقال ذرة للآتي:
*لأن مداره في هذه الطرق على هشام بن عمار والقول فيه: بأنه لا يسلم من ملابسة البدعة وقوله بخلاف ما عليه أهل السنة وفعله ما يعد من خوارم المروءة وربما يقع في حديثه غرائب عن شيوخ الشام وكان يلقن فيتلقن وله ما ينكر.
وبيان ذلك: أن هشاما بن عمار قد حدث عن ابن لهيعة بالإجازة وعن سويد بن عبد العزيز وانتقد أحاديث عنه ابن معين. وروى عن الوليد بن مسلم وروى الوليد عنه وحدث عن اسماعيل بن عياش وسمع من معروف الحناط...وهم ضعاف. وعموما فحديثه القديم أصح كما ذكر الخليلي في الإرشاد (1/446).
وذكر الحافظ المزي في "تهذيب الكمال" (3/1444) والحافظ ابن حجر في "هدي الساري" ص 448 والذهبي في الميزان (4/302) قالوا: قال أبو داود قد حدث هشام بأرجح من أربع مئة حديث ليس لها أصل مسنده كلها.
قال أبو حاتم : هشام ابن عمار لما كبر تغير فكل ما دفع إليه قرأه ، و كلما لقن تلقن ، و كان قديما أصح ، كان يقرأ من كتابه . وكذلك قال ابن سبار.
وأنكر عليه ابن وارة وغيره أخذه الأجرة على التحديث. قال ابن وارة: عزمت زمانا أن امسك عن حديث هشام بن عمار لأنه كان يبيع الحديث. وكان يأخذ على كل ورقة درهما ...ويشارط ويقول: إن كان الخط دقيقا فليس بيني وبين الدقيق عمل.
قال الذهبي: قلت: ولم يكن محتاجا وله اجتهاده.. وقال: له ما ينكر.
وقال الذهبي (السير 11/420-435):كان فضلك يدور على أحاديث أبي مسهر وغيره يلقنها هشاما فيحدثه بها وكنت أخشى أن يفتق في الإسلام فتقا.
وقال الإمام أحمد عن هشام بن عمار: كان طياشا خفيفا ورماه بالتجهم وقال: قاتله الله وأمر بإعادة صلاة من صلى خلفه.
وسبب قول الإمام أحمد ذلك في هشام ما رواه الحافظ الذهبي في السير (11/432) والميزان (4/304) قال: وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ المَرُّوْذِيُّ فِي كِتَابِ (القَصَصِ): وَرَدَ عَلَيْنَا كِتَابٌ مِنْ دِمَشْقَ: سَلْ لَنَا أَبَا عَبْدِ اللهِ، فَإِنَّ هِشَاماً قَالَ: لَفْظُ جِبْرِيْلَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ، وَمُحَمَّدٌ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِالقُرْآنِ مَخْلُوْقٌ. فسَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ، فَقَالَ: أَعْرِفُهُ طَيَّاشاً، لَمْ يَجْتَرِ الكَرَابِيْسِيُّ أَنْ يَذْكُرَ جِبْرِيْلَ وَلاَ مُحَمَّداً. هَذَا قَدْ تَجَهَّمَ فِي كَلاَمٍ غَيْرِ هَذَا.
وقال:إن صلوا خلفه فليعيدوا الصلاة.
بالإضافة إلى أن الإمام أحمد بلغه عن هشام أنه قال في خطبته وكان إماما للجامع الأموي بدمشق بثلاث سنوات: "الحمد لله الذي تجلى لخلقه بخلقه". قال الذهبي: فهذه الكلمة لا ينبغي إطلاقها وإن كان لها معنى صحيح لكن يحتج بها الحلولي والاتحادي.
ومما يعزز ذلك كله إن الإمام البخاري لم يسند هذا الحديث إلى أبي مالك أو أبي عامر إلا بلفظ "محتمل" ولم يعزه إليه إلا بصيغة التعليل بالانقطاع وهي "قال" التي هي ظاهرة للتدليس. وذلك رغم أنه قد رحل إلى الشام وتلقى عن حفاظها وأسند ما روي عنهم إليهم مما اطمأنت النفس إليه.
ولو قيل: إنه سمع هذا من هشام أثناء رحلته تلك إلى الشام وهذا منتف في المعلقات. لرد على ذلك :إذا كيف يعزوه إليه بلفظ "محتمل" على غير عادته؟ اللهم إلا لعلة عرفها قادحة في الحديث أو آفة مانعة في هشام لم يتحقق معهما أو أحدهما شرطه في هذا الحديث.
ولا يمكن توفر مثل هذا في حديث هشام لأن الإمام البخاري إنما رواه بصيغة التعليق ولا يكون ذلك إلا في حديث سقط بينه وبين راويه من علق عنه.
وإن قيل:ربما لم يسمع البخاري هذا الحديث من هشام وإنما بلغه أنه قاله. فالرد على ذلك أقوى: لأن هذا الحديث ليس متصلا وشرطه لوصله في الصحيح ولو بواسطة لم يتحقق فيه.
ويحتمل أن يكون البخاري قد بلغه هذا الحديث عن هشام عندما تغير فيكون علمه به والحال على ذلك كعدمه وبذلك يبقى الانقطاع قائما فيه.
وقد أحس الحافظ ابن حجر شارح البخاري بذلك الخلل وعبر عنه باندهاش وصرامة فقال (الفتح 10/53): "فهذا ما كان أشكل أمره علي والذي يظهر لي الآن أنه لقصور في سياقه وهو هنا تردد هشام في اسم الصحابي"أ.هـ
وهنا أقول:بل ما خفي على الحافظ من الخلل الذي جعله مما كان أشكل عليه أمره أقوى مما ذكر لأن الشك في اسم الصحابي عند علماء الحديث لا يضر لأن الصحابة كلهم عدول.
فلينتبه لهذا الحذاق فما وراء ذلك أعظم وليس غير الانقطاع الذي لم يتم وصله عند البخاري.
وقد انقطعتم عن تفنيد ما قيل فيه مما يوجب إطراح حديثه إلا قولكم: البخاري لا يروي إلا عن الثقات وقد روى له في البيع وفي مناقب أبي بكر موصولا ومعلقه هنا بالجزم ولا يجزم إلا بما يصلح به القبول..إلخ.
والرد عليهم: هذا كله لا يفيد لأن البخاري لم يخرج له إلا حديثين متصلين أولهما في البيوع (3/75): قال البخاري: حدثنا هشام بن عمار : حدثنا يحيى بن حمزة : حدثنا الزبيدي ، عن الزهري ، عن عبيد الله بن عبد الله : أنه سمع أبا هريرة رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (كان تاجر يدان الناس ، فإذا رأى معسراً قال لفتيانه : تجاوزا عنه ، لعل الله أن يتجاوز عنا ، فتجاوز الله عنه).
والثاني: في مناقب أبي بكر حيث قال: حدثني هشام بن عمار : حدثنا صدقة بن خالد : حدثنا زيد بن واقد ، عن بسر بن عبيد الله ، عن عائذ الله أبي إدريس ، عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: .....فهل أنتم تاركوا لي صاحبي؟). بمتابعة عبد الله بن العلاء بن زبر عن بسر بن عبيد الله بهذا الإسناد (هدي الساري 449).
أقول: فكأن البخاري استدل بهشام في موضوع واحد فقط هو في البيوع متصلا.
*والذي يبدو أن الإمام البخاري بحكم قصر مدة المعاصرة ولقيا هشام في الشام –وقد لقيه قبل وفاته بخمس عشرة سنة- لم يطلع على ما كان عليه هشام في باب التجلي واللفظ بالقرآن لأن هشاما لم يتول إمامة أهل دمشق بجامع بني أمية إلا بعد موت ابن ذكوان سنة 242هـ.
وكان هشام أكبر من ابن ذكوان بعشرين عاما ومع فارق السن بينهما –لصالح هشام- كان الذي تولى إمامة أهل الشام ابن ذكوان بعد أيوب بن تميم إلى أن مات ابن ذكوان فأعطيت لهشام قبل وفاته بثلاث سنين (انظر السير للذهبي 11/425).
*هذا من جهة ومن جهة أخرى: فقد نبه شارح البخاري في مقدمة شرحه (هدي الساري 17) فقال (بتصرف): ما لا يوجد فيه إلا معلقا ولا يلتحق بشرطه مما قال فيه "قال" لكونه لم يحصل عنده مسموعا أو سمعه وشك في سماعه له من شيخه أو سمعه من شيخه مذاكرة فما رأى أنه يسوقه مساق الأصل... قال:وما لا يلتحق بشرطه فقد يكون صحيحا على شرط غيره وقد يكون حسنا صالحا للحجة وقد يكون ضعيفا لا من جهة قدح في رجاله بل من جهة انقطاع يسير في إسناده. وهذا الأخير متحقق في حديث هشام هذا!
وهنا يقال: فما بالك مع القدح في الراوي الذي مدار الحديث عليه في رواية البخاري وفي جميع الروايات التي تم وصله فيها إلى من علق الحديث عنه وهو هشام؟! يتبع.......
| |
|
| |
Admin المسؤول
عدد المساهمات : 136 نقاط : 11933 تاريخ التسجيل : 05/03/2009 العمر : 56
| موضوع: رد: ملف: الموسيقى والغناء في الميزان الثلاثاء 13 يوليو 2010 - 5:28 | |
|
وقد أجاب المانعون على كل هذا بقولهم: على فرض صحة كلامكم في هشام فقد وصل الحديث إلى أبي مالك الأشعري من طرق وأسانيد أخرى غير ما سبق ليس فيها هشام بن عمار وجميعها إلى أبي مالك سوى من وجه عند أبي داود عن أبي عامر أو أبي مالك الأشعري وكذلك روى من وجه عن عبادة بن الصامت ليس عن هؤلاء جميعا...وإليك ذلك كله: أ-روى ابن أبي شيبة (8/107) قال: حدثنا أبو بكر قال حدثنا زيد بن الحباب عن معاوية بن صالح قال حدثنا حاتم بن حريث عن مالك بن أبي مريم قال : تذاكرنا الطلاء فدخل علينا عبد الرحمن بن غنم فتذاكرناه فقال : حدثني أبو مالك الأشجعي أن رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : يشرب أناس من أمتي الخمر يسمونها بغير اسمها يضرب على رؤوسهم بالمعازف و القينات يخسف الله بهم الأرض و يجعل منهم القردة و الخنازير . ب- وفي السنن الكبرى للبيهقي من وجه آخر (8/259): أخبرنا أبو عبد الله الحافظ و أبو عبد الرحمن السلمي و أبو زكريا بن أبي إسحق و أبو بكر بن الحسن قالوا ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب أنبأ محمد بن عبد الله بن عبد الحكم أنبأ ابن وهب أخبرني معاوية بن صالح عن حاتم بن حريث عن مالك بن أبي مريم عن عبد الرحمن بن غنم الأشعري عن أبي مالك الأشعري : عن رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه قال : ليشربن أناس من أمتي الخمر يسمونها بغير اسمها ، و تضرب على رءوسهم المعازف ، يخسف الله بهم الأرض ، و يجعل منهم قردةً و خنازير. ج- وروى الإمام أحمد في مسنده (5/342) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا زيد بن الحباب ثنا معاوية بن صالح حدثني حاتم بن حريث عن مالك بن أبي مريم قال : كنا جلوساً مع ربيعة الجرشي فتذاكرنا الطلاء في خلافة الضحاك بن قيس ، فإنا لكذلك إذ دخل علينا عبد الرحمن بن غنم صاحب النبي صلى الله عليه و سلم فقلنا اذكروا الطلاء ، فتذاكرنا الطلاء ، قال أبو عبد الرحمن : كذا قال زيد بن الحباب ـ يعني عبد الرحمن بن غنم ـ صاحب النبي صلى الله عليه و سلم فقال : حدثني أبو مالك الأشعري أنه سمع النبي صلى الله عليه و سلم يقول : ليشربن ناس من أمتي الخمر يسمونها بغير اسمها. د- وروى أبو داود تحت ترجمة "باب في الداذي والباذق" (مع العون 10/152):حدثنا أحمد بن حنبل ، قال : ثنا زيد بن الحباب ، قال ثنا معاوية بن صالح ، عن حاتم بن حريث عن مالك بن أبي مريم قال : دخل علينا عبد الرحمن بن غنم فتذاكرنا الطلاء فقال : حدثني أبو مالك الأشعري أنه سمع رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : ليشربن ناس من أمتي الخمر يسمونها بغير اسمها . هـ- وفي سنن ابن ماجة (2/1333) حدثنا عبد الله بن سعيد ، حدثنا معن بن عيسى ، عن معاوية بن صالح ، عن حاتم بن حريث ، عن مالك بن أبي مريم ، عن عبد الرحمن بن غنم الأشعري ، عن أبي مالك الأشعري ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ليشربن ناس من أمتي الخمر يسمونها بغير اسمها ، يعزف على رءوسهم بالمعازف و المغنيات ، يخسف الله بهم الأرض ، و يجعل منهم القردة و الخنازير . وقد رد المجيزون بالآتي: يرد بأن الروايات الخمس المذكورة بدون شك في اسم الصحابي مختلفة في ألفاظها عن الروايات التي رويت مع الشك في اسم الراوي وبدونه أحيانا وهذا اضطراب وسيأتي بيان هذه العلة في الحديث ككل. وفوق هذا كله لم تصح من وجه منها: فعند ابن أبي شيبة والبيهقي وأحمد وأبي داود وابن ماجة مدار الحديث فيها على ضعيف ومجهول: فأما الضعيف فهو معاوية بن صالح. وأما المجهول: فهو مالك بن أبي مريم. فأما معاوية بن صالح الحضرمي الحمصي: فكان يحيى بن سعيد لا يرضاه. وقال الرازي: لا يحتج به. وقال الأزدي: ضعيف. عن ابن الجوزي. وقال الذهبي: كان يحيى القطان يتعنت ولا يرضاه. وقال ابن أبي حاتم:قال أبي: لا يحتج به. وكذا لم يخرج له البخاري ولينه ابن معين. قال الذهبي في الميزان (4/135): ومن مفاريد معاوية بن صالح "ليشربن ناس من أمتي الخمر يسمونها بغير اسمها". لكن روى عنه مسلم وقال أحمد وأبو زرعة:خرج من حمص قديما وكان ثقة. ومن الغريب أن معاوية هذا ورد عنه ما يلي: جاء في الضعفاء الكبير (4/183): حدثنا حجاج بن عمران قال: حدثنا أحمد بن سعيد بن أبي مريم قال:سمعت خالي موسى بن سلمة قال: أتيت معاوية بن صالح لأكتب عنه فرأيت أداة الملاهي قال: فقلت: ما هذا؟ قال:شئ نهديه إلى ابن مسعود صاحب الأندلس قال:فتركته ولم اكتب عنه. وأما الراوي المجهول فهو مالك بن أبي مريم الحكمي: قال ابن حزم: لا يدرى من هو. وقال الذهبي: لا يعرف. أفادهما ابن حجر في تهذيب التهذيب (10/21). يتبع.... | |
|
| |
Admin المسؤول
عدد المساهمات : 136 نقاط : 11933 تاريخ التسجيل : 05/03/2009 العمر : 56
| موضوع: رد: ملف: الموسيقى والغناء في الميزان الثلاثاء 13 يوليو 2010 - 5:30 | |
|
وقد رد المانعون بأن الحديث جاء في مكان آخر وليس فيها ذكر هؤلاء الرواة الضعاف ك(هشام بن عمار) و (معاوية بن صالح الحضرمي) والراوي المجهول -على الراجح- (مالك بن أبي مريم) كالآتي:
أ- وفي سنن أبي داود (مع العون 11/83) تحت ترجمة "باب ما جاء في الخز" حدثنا عبد الوهاب بن نجدة ، ثنا بشر بن بكر ، عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر ، قال : ثنا عطية بن قيس قال : سمعت عبد الرحمن بن غنم الأشعري قال : حدثني أبو عامر أو أبو مالك و الله يمين أخرى ما كذبني أنه سمع رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الخز و الحرير و ذكر كلاماً قال : يمسخ منهم آخرون قردة و خنازير إلى يوم القيامة . قال أبو داود : و عشرون نفساً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم أقل أو أكثر لبسوا الخز : منهم أنس و البراء بن عازب .
يقول الشيخ الألباني في كتابه (تحريم آلات الطرب): (لكن ليس فيه التصريح بموضع الشاهد منه وإنما أشار إليه بقوله : " وذكر كلاما " وقد جاء مصرحا به في رواية ثقتين آخرين من الحفاظ وهو (قلت: الأزهري الأصلي: لعله تصحيف وأظنه يقصد "وهما"): عبد الرحمن بن إبراهيم الملقب ب ( دحيم ) قال : ثنا بشر بلفظ البخاري المتقدم :" يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف . . " الحديث . أخرجه أبو بكر الإسماعيلي في " المستخرج على الصحيح " كما في " الفتح " ( 10 / 56 ) و" التغليق " ( 5/19 ) ومن طريق الإسماعيلي البيهقي في " السنن " ( 3 / 272 ) . والآخر ( عيسى بن أحمد العسقلاني ) قال : نا بشر بن بكر به إلا أنه قال : " الخز " بالمعجمتين والراجح بالمهملتين كما في رواية البخاري وغيره . انظر " الفتح " ( 10 / 55 ) . أخرجه ابن عساكر في " تاريخ دمشق " ( 19 / 152 ) من طريق الحافظ أبي سعيد الهيثم بن كليب الشاشي : نا عيسى بن أحمد العسقلاني به مطولا . وهذه الطريق مما فات الحافظ فلم يذكره في " الفتح " بل ولا في " التغليق " فالحمد لله على توفيقه وأسأله المزيد من فضله )انتهى كلام الشيخ الألباني.
قلت (الأزهري الأصلي): سيأتي الكلام عن هذا الحديث في علة الاضطراب في نهاية البحث ولكن يهمنا هنا أن نقول أن رجاله ثقات وهو أقوى طرق الحديث. يتبع... | |
|
| |
Admin المسؤول
عدد المساهمات : 136 نقاط : 11933 تاريخ التسجيل : 05/03/2009 العمر : 56
| موضوع: رد: ملف: الموسيقى والغناء في الميزان الثلاثاء 13 يوليو 2010 - 5:31 | |
| قلت (الأزهري الأصلي): ما سبق كان الكلام عن سند الحديث ورواته من حيث ظاهرها والآن حان دور الكلام على الحديث من حيث علله الخفية ودرايته:
العلة الأولى: عدم تسليم دلالته على التحريم مطلقا: وفي هذا عدة وجوه:
الوجه الأول: لفظة "يستحلون" ليست نصا في التحريم "هذا على اعتبار صحة الحديث وصحة دلالته على مقتضاه لو كان ذلك موضع تسليم". فقد ذكر ابن العربي لذلك معنيين: أحدهما: أن المعنى يعتقدون أن ذلك حلال. ثانيهما:أن يكون مجازا عن الاسترسال في استعمال تلك الأمور كالاسترسال في الحلال. قال: وقد سمعنا ورأينا من يفعل ذلك (انظر فتح الباري (10/55) ونيل الأوطار (8/106)).
وقد أجاب المحرمون على هذا بقولهم: بأن الوعيد على الاعتقاد يشعر بتحريم الملابسة بفحوى الخطاب وأما دعوى التجوز فالأصل الحقيقة ولا ملجأ إلى الخروج عنها (قلت: الأزهري الأصلي: ينبغي أن يقيد هذا بجملة: "إلا بدليل").
ورد على ذلك المجوزون بأمرين: الأول: أن الاعتقاد الراجح هو الإباحة للغناء وآلاته وهو مأخوذ من دليل خارج هو أصح وأصرح وأقوى وأرجح. وهو: ما كان أقره المشرع الحكيم عليه أفضل الصلاة والسلام بعد سماعه للغناء مرات عديدة وإذنه فيه على ضوء ما تقدم فلا يصار إلى فحوى الخطاب مع وجود نص الخطاب. ولا سيما وأحاديث إباحة الغناء والضرب عليه أخرجها البخاري ومسلم وأصحاب السنن وأحمد وغيرهم وقد اشتهرت واستفاضت ولا معارض لها ولا معترض عليها.
الثاني:إن الحقيقة إنما يصار إليها إذا تعينت وتعينها هنا ليس إلا من قبيل الدعوى ليس غير.
الوجه الثاني: إن المعازف مختلف في مدلولها. فالمعازف: جمع معزفة –بفتح الزاي- وهي: آلات الملاهي. ونقل القرطبي عن الجوهري إن المعازف: الغناء والذي في صحاحه: إنها آلات اللهو. وقيل أصوات الملاهي. وفي حواشي الدمياطي: المعازف: الدفوف وغيرها مما يضرب به ويطلق على الغناء: عزف وعلى كل لعب: عزف. (انظر فتح الباري (10/55) وعمدة القاري (17/301))
والذي في تاج العروس (6/197-198): المعازف: الملاهي التي يضرب بها العود والطنبور والدف وغيرها. وفي موضع آخر: كل لعب: عزف وتعازفوا أي تناشدوا الأراجيز أو هجا بعضهم بعضا وقيل: تفاخروا. والعازف: اللاعب بها –أي الملاهي- وأيضا: المغني.
وإذا كان اللفظ محتملا لأن يكون للآلة ولغير الآلة لم ينتهض للاستدلال به على الآلة وحدها أو الغناء وحده أو الرجز أو الشعر فقط إلا بدليل مخصص (نيل الأوطار (8/106)) ولا يوجد دليل مخصص لأنه إما يكون مشتركا والراجح التوقف فيه أو حقيقة ومجازا ولا يعين المعنى الحقيقي.
وقد أجاب المانعون بقولهم: يجاب بأنه يدل على تحريم استعمال ما صدق عليه الاسم. والظاهر: الحقيقة في الكل من المعاني المنصوص عليها من أهل اللغة وليس من قبيل المشترك لأن اللفظ لم يوضع لكل واحد على حدة بل وضع للجميع. على أن الراجح جواز استعمال المشترك في جميع معانيه مع عدم التضاد كما تقرر في الأصول قاله الشوكاني في النيل (8/106- 107).
وقد رد المجوزون على هذا بالآتي: يرد عليهم بالنقض والمعارضة: فأما النقض: فإن الرسول –صلى الله عليه وسلم- أنكر على إنكار أبي بكر في قوله "مزمار الشيطان عند النبي –صلى الله عليه وسلم-؟ أو في بيت رسول الله –صلى الله عليه وسلم-؟" وانظر تسليم الخصوم بوقوع إقرارهم على أن ما أمضاه النبي –صلى الله عليه وسلم- كان مما هو كذلك.
وكان قد قال ذلك عندما دخل على عائشة وعندهما جاريتان تغنيان وتضربان بالدف ورسول الله –صلى الله عليه وسلم- مضطجع وكان مغطيا وجهه وهو يسمع ذلك ولا ينكره بل أقره بإصغائه إليه.
ولما قال الصديق ذلك كان جوابه له: دعهما يا أبا بكر فإن لكل قوم عيدا وهذا عيدنا رواه الجماعة.
وفي هذه النصوص الصحيحة والصريحة تجد أن استعمال كل ما يطلق عليه أحد أسماء تلك المعازف قد وقع بحضرة النبي –صلى الله عليه وسلم- وأنكر على من أنكرها بالرغم من كونه الصديق!
وأما المعارضة: فسيأتي بسطها في العلة الثانية.
وعلى القول بأن الظاهر الحقيقة في كل ما يندرج تحت المعازف وأن الراجح جواز استعمال المشترك في جميع معانيه...إلخ. فإن التشريع المحمدي قد أباح أكثر من اسم منها دفعة في آن واحد وهو الغناء والضرب عليه بآلاته ولم يسمع إنكار من أنكر ذلك بل زجره وأقر عليه. ثم علل ذلك عليه أفضل الصلاة والسلام وهو أعرف بالله وأتقى له من جميع أهل الأرض بقوله: هذا عيدنا.
وزيادة على ذلك فقد عاتب من استمرأ عليه الترخيص والترخص في بعض المباحات الزائدة على حدود التكليف مما هو مباح وأعلم من تنزه عن فعل ما فعله بأنه ليس بأعلم وأخشى وأتقى لله منه –صلى الله عليه وسلم- ليرعوي عن إعطاء نفسه درجة أنزه وقدرا أعلى مما له –صلى الله عليه وسلم- عند ربه.
وبيانه ما جاء في الحديث المتفق عليه عن مسروق قال: قالت عائشة رضي الله عنها قالت صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا فرخص فيه فتنزه عنه قوم فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فخطب فحمد الله ثم قال: "ما بال أقوام يتنزهون عن الشيء أصنعه فوالله إني لأعلمهم بالله وأشدهم له خشية".
قلت: فإذا كان الظاهر الحقيقة وإذا كان الراجح جواز استعمال المشترك في جميع معانيه فليكن ذلك فيما شهدت به النصوص الصحيحة والصريحة لا فيما أفاده حديث مختلف فيه فرد طغى على تفرده ما شكك فيه بحيث لا يرقى بحال من الأحوال إلى مقابلة ما يعارضه.
ومما يشهد بهذا ويؤكده ما أشار إليه الشوكاني في النيل (8/107) في جواب المبيحين للسماع على أدلة المانعين بأنها لم تصح..إلخ فقال في جواب المانعين: بأنها تنتهض بمجموعها ولا سيما وقد حسن بعضها فأقل أحوالها: أن تكون من قسم الحسن لغيره.
أقول:إذا كان قد ظهر تسليم المانعين للسماع بأن أدلتهم من باب الحسن لغيره رغم أن خصومهم يدحضونها بكاملها..! فهل يصلح الحسن لغيره لمعارضة الصحيح المستفيض؟! علما بأن ما صح واستفاض عن رسول الله –صلى الله عليه وسلم-من عدة وجوه يعارض مقتضى دعواهم...فتبصر وتأمل!!
لعلة الثانية: المخالفة والمعارضة: هذه العلة هي مما يقوض دعائم أعتى الحصون الوطيدة البناء فكيف وحديث هشام هذا قد اعتراه مما رأيت ما أبطله إلى الحد الذي أفسده وبدده.
فأما المخالفة: وينشأ عنها الشذوذ والنكارة...وتظهر فيما إذا روى الضابط الثقة العدل شيئا فرواه من هو أحفظ أو أضبط منه أو أكثر عددا بخلاف ما روى بحيث يتعذر الجمع على قواعد الجمع عند المحدثين فهذا شاذ. وقد تشتد المخالفة أو يضعف الحفظ فيحكم على ما يخالف بكونه منكرا.
ونأخذ مثالا واحدا على الشذوذ وهو حديث الباب: ذكروا له أقوى شاهد زعموا أنه يشهد له وينجبر به وهو ما روى أبو داود (وكنا قد وعدنا بالحديث عنه) عن عبد الوهاب بن نجدة أخبرنا بشر بن بكر وذكر سنده عند البخاري إلى أبي عامر أو أبي مالك الأشعري أنه سمع رسول الله –صلى الله عليه وسلم- يقول: "ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الخز والحرير".
فالحديث يفيد تحريم "الخز" مع أن لبسه متفق على حله. وقد سبق أن رأيت أن مخرجه –وهو أبو داود- أشار إلى ذلك بآخر روايته له هناك وقد أردفناه في محله حيث قال أبو داود بعد الحديث: قال أبو داود : و عشرون نفساً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم أقل أو أكثر لبسوا الخز : منهم أنس و البراء بن عازب .
إلى جانب أن الخز والحرير لا صلة لهما بما ترجم له البخاري في تحريم الخمر ولا علاقة لهما بموضوع النزاع وهو الغناء والمعازف.
فأي شذوذ وأي نكارة أقوى من هذا؟ هذا إذا ما أضيف إليه أن الحديث تعتريه آفات أخرى (وسنذكرها بعد قليل)!
ومن جهة أخرى: فحديث هشام روي عن شخص واحد هو عبد الرحمن بن غنم وهو مختلف في صحبته فإن رجح أنه صحابي فكيف يروي حديثا عن صحابي آخر مثله وهو لا يعرف من هو! ولا هو متأكد من كنيته.
وإن قلنا إنه تابعي وروى الحديثين عن صحابيين فكيف يجهل مرة من رواه عنه ومرة يسمعه جازما به! والقصة واحدة؟! ذلك أن حديث هشام هذا رواه عبد الرحمن بن غنم من نحو أحد عشر وجها وكلها مختلفة ومتخالفة فلم يوافق لفظه عند البخاري لفظ واحدة من تلك الطرق عند غيره. فهل يعقل ألا يوافق لفظه لفظ واحد من تلك الطرق؟!
هذا إلى جانب أنه مرة يرويه بالشك في اسم الصحابي ومرة بلا شك بل بالجزم باسمه ومرة بالجزم باسمي الراويين ومرة بالجزم باسم راو غيرهما كما عند ابن أبي شيبة حيث قال (أبو مالك الأشجعي).
ثم يقال لمن يحتج به أو يعتد به: كيف يعرف الضبط من الخلط وبم يمكن التمييز بين الخطأ والصواب والكذب والصدق إن نحن قبلنا بهذا الحديث؟! الذي يمكن أن يقال عنه: إنه جاء يحمل عنصر المخالفة في أقوى صورها ومعانيها فلا تقوم بمثله حجة لمحتج..
وبعد هذا وفوق ما ذكر: فإن الحديث معارض بما لم يقو على معارضته من الأحاديث الصحيحة والصريحة المجمع على صحتها وقبولها من النصوص التي فيها إذن من المصطفى باللهو وإباحته وسماعه وتصحيح بعض النصوص فيه بل وتجاوز الأمر ذلك إلى حد الإرشاد والحث على توفيره للأنصار وتعليل ذلك لأنهم يحبون اللهو وذلك ثابت في الصحيحين وسبق استيفاؤه...والله أعلم.
يقول الشيخ القرضاوي: ومن أمانة الإمام البخاري وفقهه أنه ذكر الحديث معلقا ولم يرد في كتابه في أي موضع متصلا وجعل ترجمة الباب "باب ما جاء فيمن يستحل الخمر ويسميه بغير اسمه" فلم يذكره في باب النهي عن الغناء مثلا بل لم يذكر البخاري في صحيحه كله بابا في تحريم الغناء.
ثم يقول: ولو سلمنا بدلالتها (يقصد لفظ "المعازف") علي الحرمة فهل يستفاد منها تحريم المجموع المذكور من الحر والحرير والخمر والمعازف أو كل فرد منها على حدة؟ والأول أرجح. فإن الحديث في الواقع ينعي علي أخلاق طائفة من الناس انغمسوا في الترف والليالي الحمراء وشرب الخمور. فهم بين خمر ونساء، ولهو وغناء، وخز وحرير. ولذا روي ابن ماجة هذا الحديث عن أبي مالك الأشعري بلفظ: "ليشربن أناس من أمتي الخمر يسمونها بغير اسمها يعزف علي رؤوسهم بالمعازف والمغنيات يخسف الله بهم الأرض ويجعل منهم القردة والخنازير"، وكذلك رواه ابن حبان في صحيحه (وقد ضعفه محققه لضعف أحد رواته وهو مالك بن أبي مريم...) (قلت"الأزهري الأصلي": لعل الدكتور يقصد جهالته وليس ضعفه والله أعلم) والبخاري في تاريخه. وكل من روى الحديث من غير طريق هشام بن عمار جعل الوعيد على شرب الخمر وما المعازف إلا مكملة وتابعة وبهذا لا يصلح للاستدلال على تحريم الغناء.
قلت (الأزهري الأصلي): هناك مباحث ونقاط لم يوفها الدكتور الثقفي والدكتور القرضاوي حقها وهي:
أولا: بالنسبة للصحابي المشكوك فيه (أبو عامر) أو (أبو مالك) الأشعري:
بالنسبة لأبي مالك: العلماء أنفسهم في حيرة من أمر هذا الصحابي والتفريق بينه وبين (أبي مالك الأشعري) آخر واسمه :الحارث بن الحارث الأشعري وكلاهما صحابي حتى قال ابن حجر في التهذيب(12/218): (والفصل بينهما في غاية الإشكال) ونقل في نفس الموضع عن أبي أحمد الحاكم قوله: (أبو مالك الأشعري أمره مشتبه جدا). حتى أن ابن حجر ذكر أنهما قد يكونا شخصا واحدا وقد يكونا مختلفين ورجح الثاني.
وبالنسبة لأبي عامر: فقد قال ابن حزم في رسالته في السماع ( ص 97 ) : " ولم يورده البخاري مسندا وإنما قال فيه : قال هشام بن عمار : ثم هو إلى أبي عامر أو أبي مالك ولا يدرى أبو عامر هذا ".
وسبب كلامه هذا أن هناك اثنين من الصحابة لهم هذه الكنية ولكن الراجح هنا أن راوي هذا الحديث –على الشك بينه وبين أبي مالك- هو أبو عامر الأشعري الذي توفي في خلافة عبد الملك وروى عنه عبد الرحمن بن غنم.
ثانيا: قد اختلف العلماء فيمن شك في اسم الصحابي من الرواة فقد رجح بعضهم أنه عبد الرحمن بن غنم المختلف في صحبته ورجح بعضهم أنه صدقة بن خالد شيخ هشام بن عمار وذهب البعض إلى أنه عطية بن قيس. وفي هذا اضطراب أي اضطراب!!
ثالثا: بالنسبة لهشام بن عمار فقد ضعف الشيخ الألباني نفسه حديثا في السلسلة الضعيفة وجعل هشاما أحد علله فقال فيه (4/312): (وهشام بن عمار كان يلقن فيتلقن) فسبحان الله!!
والله تعالى أعلى وأعلم.
| |
|
| |
Admin المسؤول
عدد المساهمات : 136 نقاط : 11933 تاريخ التسجيل : 05/03/2009 العمر : 56
| موضوع: رد: ملف: الموسيقى والغناء في الميزان الثلاثاء 13 يوليو 2010 - 5:33 | |
| أحاديث تحريم الغناء في الميزان: الحديث الثاني: حديث الصوتين الفاجرين الحديث الثاني: أ- روى الترمذي قال:حدثنا علي بن خشرم . أخبرنا عيسى بن يونس ، عن ابن أبي ليلى ، عن عطاء ، عن جابر بن عبد الله قال : أخذ النبي صلى الله عليه وسلم بيد عبد الرحمن بن عوف . فانطلق به إلى ابنه إبراهيم . فوجده يجود بنفسه . فأخذه النبي صلى الله عليه وسلم فوضعه في حجره فبكى . فقال له عبد الرحمن : أتبكي ؟ أولم تكن نهيت عن البكاء ؟ قال لا . ولكن نهيت عن صوتين أحمقين فاجرين : صوت عند مصيبة ، خمش وجوه وشق جيوب ورنة شيطان . وفي هذا الحديث كلام أكبر من هذا . قال أبو عيسى : هذا حديث حسن .
ب-وبلفظ أكمل منه رواه البيهقي في السنن: أخبرنا علي بن أحمد بن عبدان أنبأ أحمد بن عبيد الصفار ثنا محمد بن الفضل بن جابر ثنا شيبان ثنا أبو عوانة عن ابن أبي ليلى عن عطاء عن جابر بن عبد الله قال : خرج النبي صلى الله عليه وسلم بعبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه إلى النخل ، فإذا ابنه إبراهيم يجود بنفسه فوضعه في حجره ففاضت عيناه ، فقال عبد الرحمن بن عوف : أتبكي وأنت تنهي الناس ، قال : إني لم أنه عن البكاء ، وإنما نهيت عن النوح ، صوتين أحمقين فاجرين ، صوت عند نغمة لهو ولعب ومزامير شيطان ، وصوت عند مصيبة خمش وجوه وشق جيوب ورنة ، وهذا هو رحمة ، ومن لا يرحم لا يرحم ، يا إبراهيم لولا أنه أمر حق ووعد صدق وأن آخرنا سيلحق بأولنا لحزنا عليك حزناً هو أشد من هذا ، وإنا بك لمحزونون ، تبكي العين ويحزن القلب ، ولا نقول ما يسخط الرب .
قال العلامة ابن القيم: هذا الحديث من أجود ما يحتج به على تحريم الغناء كما في اللفظ الصحيح الآخر :"إنما نهيت عن صوتين أحمقين فاجرين: صوت عند نغمة لهو ولعب ومزامير الشيطان وصت عند مصيبة:خمش وجوه وشق جيوب ورنة شيطان" وهو حديث حسن (انظر الكلام على مسألة السماع ص 318).
قال ابن القيم:وأصله في الصحيحين.
ج-وفي المستدرك: أخبرنا أبو عبد الله الأصبهاني ، ثنا أحمد بن مهران الأصبهاني ، ثنا عبد الله بن موسى ، أنبأ إسرائيل ، عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عن عطاء ، عن جابر ، عن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه قال : أخذ النبي صلى الله عليه و سلم بيدي فانطلقت معه إلى إبراهيم ابنه و هو يجود بنفسه فأخذه النبي صلى الله عليه و سلم في حجره حتى خرجت نفسه قال : فوضعه و بكى قال فقلت : تبكي يا رسول الله صلى الله عليه و سلم و أنت تنهي عن البكاء ؟ قال : إني لم أنه عن البكاء و لكني نهيت عن صوتين أحمقين فاجرين : صوت عند نغمة لهو و لعب و مزامير الشيطان ، و صوت عند مصيبة لطم وجوه و شق جيوب ، و هذه رحمة ، و من لا يرحم لا يرحم ، و لولا أنه وعد صادق ، و قول حق ، و أن يلحق أولانا بأخرانا لحزنا عليك حزناً أشد من هذا ، و إنا بك يا إبراهيم لمحزونون ، تبكي العني و يحزن القلب و لا نقول ما يسخط الرب .
د-وعند ابن أبي شيبة من طريق ابن أبي ليلى بنحوه (انظر مصنف ابن أبي شيبة (3/393)).
وجه الدلالة عند المانعين: يستفاد من قوله "ورنة الشيطان" أن المراد به الغناء والمزامير قاله النووي في الخلاصة. وقال:وكذا جاء مبينا في رواية البيهقي يعني قوله "صوت عند نغمة لهو ولعب ومزامير شيطان" ونقله في تحفة الأحوذي. قال ابن القيم:فانظر إلى هذا النهي المؤكد بتسمية صوت الغناء صوتا أحمقا ولم يقتصر على ذلك حتى وصفه بالفجور ولم يقتصر على ذلك حتى سماه من مزامير الشيطان. وقد أقر النبي –ص- أبا بكر الصديق على تسمية الغناء: مزمور الشيطان في الحديث الصحيح قال: فإن لم يستفد من هذا لم نستفد من نهي أبدا.
اعتراض المجيزين: اعترض المجيزون للسماع على المانعين في هذا الحديث من جميع طرقه المذكورة عند كل من الترمذي والبيهقي والحاكم في المستدرك وابن أبي شيبة وعبد ابن حميد والطيالسي والبزار والموصلي من طريق محمد بن أبي ليلى بما يلي:
أولا: الحديث لا يصح ولا يحتج به بمرة ولا يجوز لمن يخشى الله ويخاف عقابه "بهذا اللفظ والسند" أن يخدع به العامة وغير المختصين بالصناعة.
وذلك أن مداره في طرقه المذكورة على محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى القاضي عن عطاء بن أبي رباح. وأحاديثه من هذا الوجه باطلة لا يحتج بها ولا يجوز خداع الناس بمثلها. قال الزيلعي فيما نقله عن النووي: محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى ضعيف (3/84).
و قال عمرو بن على ، عن أبى داود : سمعت شعبة يقول : ما رأيت أحدا أسوأ حفظا من ابن أبى ليلى . و قال روح بن عبادة ، عن شعبة : أفادني ابن أبى ليلى أحاديث فإذا هي مقلوبة . وعن يحيى بن معين قال: كان يحيى بن شعيب لا يحدث عن محمد بن أبي ليلى ما روى عن عطاء. و قال أبو زرعة : صالح ليس بأقوى ما يكون . و قال أبو حاتم : محله الصدق ، كان سىء الحفظ ، شغل بالقضاء فساء حفظه ، لا يتهم بشىء من الكذب إنما ينكر عليه كثرة الخطأ ، يكتب حديثه و لا يحتج به ، و ابن أبى ليلى و الحجاج بن أرطاة ما أقربهما . عن أحمد بن حنبل : كان يحيى بن سعيد يضعف ابن أبى ليلى . و قال عبد الله بن أحمد بن حنبل ، عن أبيه : كان سىء الحفظ ، مضطرب الحديث ، كان فقه ابن أبى ليلى أحب إلينا من حديثه ، فى حديثه اضطراب . و قال أحمد بن محمد بن حفص السعدى : ذكر أحمد بن حنبل حديث ابن أبى ليلى عن عطاء " فى الضرورة يحج عن الميت " فقال : ابن أبى ليلى ضعيف ، و فى عطاء أكثر خطأ . وقال أحمد:إنما دخل ابن أبي ليلى على عطاء وهو مريض. وقال إبراهيم:كان أحمد بن حنبل لا يحدث عنه. وقال ابن المديني: كان سئ الحفظ واهي الحديث. و قال أبو بكر بن أبى خيثمة ، عن يحيى بن معين : ليس بذاك . وقال يحيى بن معين: ابن أبي ليلى ضعيف روايته. و قال إبراهيم بن يعقوب الجوزجانى ، عن أحمد بن يونس : كان زائدة لا يروى عن ابن أبى ليلى ، و كان قد ترك حديثه . و قال النسائى : ليس بالقوى .
قال الحافظ فى "تهذيب التهذيب" 9/302 : قال ابن حبان : كان فاحش الخطأ ، ردىء الحفظ ، فكثرت المناكير فى روايته ، تركه أحمد و يحيى . و قال الدارقطنى : كان ردىء الحفظ ، كثير الوهم . و قال ابن جرير الطبرى : لا يحتج به . و قال يعقوب بن سفيان : ثقة عدل ، فى حديثه بعض المقال ، لين الحديث عندهم . و قال صالح بن أحمد عن ابن المدينى : كان سىء الحفظ ; واهى الحديث . و قال أبو أحمد الحاكم : عامة أحاديثه مقلوبة . و قال الساجى : كان سىء الحفظ ، لا يتعمد الكذب ، فكان يمدح فى قضائه ، فأما فى الحديث فلم يكن حجة . و قال ابن خزيمة : ليس بالحافظ ، و إن كان فقيها عالما . اهـ .
انظر في كل ما سبق العقيلي في الضعفاء الكبير (4/98) والذهبي في السير (6/310) وفي الكاشف (3/61) وابن حجر في التهذيب (9/301) وفي اللسان (7/500) وفي التقريب (2/184).
فها أنت ترى أخي القارئ حكم العلماء في ابن أبي ليلى عامة وفي روايته عن عطاء خاصة.
قال العلامة ابن القيم (ص 318): أخرجه الترمذي عن جابر بن عبد الله وأصله في الصحيحين وسنن أبي داود والبيهقي وابن ماجة.
ملحوظة هامة جدا: بالرغم من أن ابن القيم –رحمه الله- عزا الحديث للترمذي إلا أن هذا غير صحيح فموضع الشاهد في الحديث ليس في جامع الترمذي وإنما الذي فيه مختصر بلفظ: "نهيت عن صوتين أحمقين فاجرين: صوت عند مصيبة خمش وجوه وشق جيوب ورنة الشيطان وفي الحديث كلام أكثر من هذا" فانتبه!!
أقول:وقد تتبعت ما ذكره الحافظ ابن القيم في الصحيحين وغيرهما فظهر على الوجه التالي: 1-في صحيح البخاري :عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : دخلنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم .........فقال له عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه : وأنت يا رسول الله ، فقال : ( يا ابن عوف ، إنها رحمة ) . ثم أتبعها بأخرى ، فقال صلى الله عليه وسلم : ( إن العين تدمع ، وإن القلب يحزن ، ولا نقول إلا ما يرضى ربنا ، وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون ) .
2- وفي صحيح مسلم عنه أيضا: ...فدمعت عينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال: ((تدمع العين ويحزن القلب، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، والله! يا إبراهيم ! إنا بك لمحزونون)).
3-ورواه أبو داود بنحوه (مع العون (8/398)).
4-وفي سنن ابن ماجة عن أسماء بنت يزيد ، قالت : لما توفي ابن رسول الله صلى الله عليه و سلم إبراهيم بكى رسول الله صلى الله عليه و سلم ، فقال له المعزي إما أبو بكر و إما عمر أنت أحق من عظم الله حقه ، قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : تدمع العين و يحزن القلب ، و لا نقول ما يسخط الرب ، لولا أنه وعد صادق ، و موعود جامع ، و أن الآخر تابع للأول ، لوجدنا عليك يا إبراهيم أفضل ما وجدنا ، و إنا بك لمحزونون . وإسناده حسن.
5-وفي جامع الأصول لابن الأثير بنحوه (11/89) من طريق أنس بن مالك. 6-ورواه البيهقي في شعب الإيمان بنحوه (7/241).
أقول: بعد تتبع لفظ الحديث في البخاري ومسلم وأبي داود وابن ماجة وغيرها من الروايات الصحيحة وكذا في جامع الأصول لابن الأثير وشعب الإيمان للبيهقي فلم أجده باللفظ محل النزاع الذي روي من طريق ابن أبي ليلى وليس بالسند المذكور عن ابن أبي ليلى.
وعليه:فالبريق والتنميق في قوله من قال:أصله في الصحيحين وعند من تقدم ذكرهم يوحي بصحة الحديث على أساس ورود اللفظ المتنازع فيه ضمنه وما ذلك إلا من قبيل التشويش والمصادرة على المطلوب فاللفظ موضع الشاهد لم يرد فيه من تلك الطرق الآنفة والسند مختلف فهو في الصحيحين عن أنس.
وهذا كله لا يفيد من حاول الانتهاض براوية ابن أبي ليلى المتروكة التي أخرجها الترمذي والبيهقي والحاكم وابن أبي شيبة ومن وافقهم مثل: عبد بن حميد والطيالسي والبزار والموصلي لأن اللفظ مختلف بل لا يوجد في رواية الصحيحين وغيرهما مما صح!
هذا إلى جانب أن راوية الترمذي ليست بالنص الكامل الذي يريده ابن القيم مع جلالته ومكانته من النزاهة والتثبت. ثم الأدهى والأمر أنه يزعم صحة الحديث من طريق ابن أبي ليلى رغم جزم الحفاظ بضعفه وتركه والحديث الضعيف لا يقوى بالصحيح إذا اختلف اللفظ والموضوع والسند. وزعمه تصحيح الحديث مخالف تماما لما عليه حفاظ الحديث قاطبة. وليته لم يفعل ولم يقل ذلك لما لقوله هذا من أثر وصدى على آرائه رحمه الله وفتاويه وأقواله التي ستصبح تحت المجهر بعد تجرؤه على الأصرار على ما قال في هذا الصدد. وهو جزمه بأن حديث ابن أبي ليلى "في الصوتين الأحمقين" هو أجود ما احتج به المانعون للسماع لكونه صحيحا. وذلك باعتبار أن أصله في الصحيحين وغيرهما. في حين أن الحديث في الصحيحين ليس من طريق ابن أبي ليلى عن عطاء عن جابر وإنما هو من طريق سليمان بن المغيرة عن ثابت البناني عن أنس بن مالك وفيه لم يتعرض الكلام من قريب ولا من بعيد للغناء ولا يقترب منه في شئ فكيف يحشر الكذب في الصدق ويحمل البخاري ومسلم تبعة أمر لم يتعرضا له.انتهى كلام الدكتور الثقفي على الحديث.
قلت (الأزهري الأصلي): ولكن الدكتور الثقفي لم ينتبه أو لم يطلع على روايات الحديث الأخرى التي خلا طريقها من ابن أبي ليلى وقد استدل بها الشيخ الألباني في رسالته (تحريم آلات الطرب) وقد تكلم عنها الدكتور القرضاوي –حفظه الله- كالآتي:
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " صوتان ملعونان في الدنيا والآخرة : مزمار عند نعمة ورنة عند مصيبة ".
ذكره الشيخ الألباني في السلسلة الصحيحة برقم (427) وقال في تخريجه: (رواه أبو بكر الشافعي في "الرباعيات" (2/22/1): حدثنا محمد بن يونس ثنا الضحاك بن مخلد ثنا شبيب بن بشر ثنا أنس بن مالك مرفوعا. قلت (أي الألباني): وهذا إسناد رجاله موثقون غير محمد بن يونس وهو الكديمي وهو متهم بوضع الحديث لكنه توبع على هذا الحديث فأخرجه الضياء في "المختارة" (131/1) من طريقين آخرين عن الضحاك به. فالسند حسن إن شاء الله. وقال الهيثمي في المجمع (3/13) تبعا للمنذري في "الترغيب" (4/177):"رواه البزار ورجاله ثقات" قلت (أي الألباني): وله شاهد يزداد به قوة أخرجه الحاكم (4/40) من طريق محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن عطاء عن جابر عن عبد الرحمن بن عوف قال : "أخذ النبي صلى الله عليه و سلم بيدي فانطلقت معه إلى إبراهيم ابنه و هو يجود بنفسه فأخذه النبي صلى الله عليه و سلم في حجره حتى خرجت نفسه قال : فوضعه و بكى قال فقلت : تبكي يا رسول الله صلى الله عليه و سلم و أنت تنهي عن البكاء ؟ قال : إني لم أنه عن البكاء و لكني نهيت عن صوتين أحمقين فاجرين : صوت عند نغمة لهو و لعب و مزامير الشيطان ، و صوت عند مصيبة لطم وجوه و شق جيوب ، و هذه رحمة ، و من لا يرحم لا يرحم ، و لولا أنه وعد صادق ، و قول حق ، و أن يلحق أولانا بأخرانا لحزنا عليك حزناً أشد من هذا ، و إنا بك يا إبراهيم لمحزونون ، تبكي العني و يحزن القلب و لا نقول ما يسخط الرب" .
سكت عليه الحاكم والذهبي ورجال إسناده ثقات إلا ابن أبي ليلى سئ الحفظ فمثله لا يستشهد به ويعتضد) أ.هـ كلام الألباني.
يقول الشيخ القرضاوي: وإذا كان الشيخ هنا قد قال: فالحديث حسن إن شاء الله تعالى والعبارة توحي بشئ من التشكيك في حسن الحديث فأنه في صحيح الترغيب والترهيب جزم بحسنه وكذلك في كتابه "تحريم آلات الطرب". وكنت أود من مثل الشيخ الألباني في تمكنه وسعة إطلاعه وخبرته بأسانيد الحديث ورجاله ألا يعتمد على رباعيات أبي بكر الشافعي واعتبره الأساس مع أن في إسناده روايا متهما بوضع الحديث كما قال الشيخ نفسه فكيف يعتمد على حديث فيه متهم بالوضع والكذب على رسول الله وإن تابعه من تابع؟!
على أنه لم يذكر لنا الطريقين الآخرين المتابعين اللذين ذكرهما الضياء لننظر في أسانيدهما ورجالهما. لكن الشيخ قد تقوى بما ذكر الهيثمي تبعا للمنذري من رواية البزار للحديث بسند رجاله ثقات كما قالا. ومن المعلوم: أن كلمة (رواته ثقات) هذه لا تفيد بالضرورة تصحيح الحديث ولا تحسينه فقد تكون فيه علة انقطاع أو غير ذلك. وهذا ما دفعني أن استوثق من رجال السند عند البزار: هل هم جميعا ثقات متفق على توثيقهم؟ فرجعت إلى الحديث في (كشف الأستار عن زوائد البزار) للهيثمي وهو يروي أحاديث الزوائد بأسانيدها –على خلاف صنعه في "مجمع الزوائد"- ووجدته يقول في الحديث (795): حدثنا عمرو بن علي ثنا أبو عاصم ثنا شبيب بن بشر البجلي قال: سمعت أنس بن مالك يقول......وذكر الحديث.
وعمرو بن علي القلاس وأبو عاصم النبيل- وهو الضحاك بن مخلد- حافظتان ثقتان مشهوران. أما شبيب بن بشر فلا يرقى لهذه الدرجة وإن وثقه يحيى بن معين وذكره ابن شاهين في الثقات. فقد قال عنه أبو حاتم (4/1564): لين الحديث وحديثه حديث الشيوخ. وذكره ابن الجوزي في الضعفاء. وقال النسائي: لا نعلم أحدا روى عنه غير أبي عاصم وكان يخطئ. وذكره الذهبي في كتابه (المغني في الضعفاء) الترجمة (2735).
انظر:تهذيب الكمال للمزي تحقيق بشار عود الترجمة رقم (2689) وحواشيها والجرح والتعديل لابن أبي حاتم ترجمة (1564) وميزان الاعتدال للذهبي (2/3657) والمغني في الضعفاء له ترجمة (2735) وتهذيب التهذيب لابن حجر (4/306) وتقريب التهذيب له ترجمة (2748).
ثم يقول الدكتور القرضاوي: فمثل هذا الراوي المختلف فيه وخصوصا من قبل حفظه وأنه يخطئ كثيرا: لا يحتج به ولا يعتمد على حديثه في مواضع الخلاف ومعتركات النزاع.
قلت (الأزهري الأصلي): وحتى ابن حبان الذي ذكره في الثقات قال عنه: "يخطئ كثيرا"! وقال عنه الحافظ ابن حجر ملخصا أقوال العلماء فيه: "صدوق يخطئ". وقال عنه الحافظ الهيثمي في المجمع بعد تخريجه لأحد الأحاديث: "وهو ثقة وفيه ضعف". وقال عنه الحافظ المناوي في الفيض بعد تحقيقه لأحد الأحاديث: "وشبيب لين".
ولكن هناك إشكال في هذا الحديث وهو قول الشيخ الألباني في رسالته "تحريم آلات الطرب": وتابعه (يقصد شبيب بن بشر) عيسى بن طهمان عن أنس . أخرجه ابن سماك في " الأول من حديثه " ( ق 87 / 2 - مخطوط ) . وعيسى هذا ثقة من رجال البخاري كما في " مغني الذهبي " وقال العسقلاني : " صدوق أفرط فيه ابن حبان والذنب فيما استنكره من غيره " . فصح الحديث والحمد لله .
فنحن نتوقف عند هذا حتى نرى هذا الإسناد كاملا خاصة أنه من كتاب غير منشور وما زال مخطوطا. وهناك سبب آخر لأن لفظ هذا الحديث مروي بإسناد صحيح عند الحسن البصري موقوفا عليه رواه ابن أبي الدنيا في كتابه "ذم الملاهي" برقمي 62 و 63 وصححهما الألباني. ولعل الموقوف أصح.
كنت توقفت عن الكلام في سند ابن سماك لعدم وجود الكتاب بين يدي واليوم وجدت كلام الدكتور الجديع عن الحديث حيث يقول:
(( وعليه : فهذا حديث لم نجد له عليه متابعاً سمعه من أنس , ولا شاهداً معتبراً يصلح.
فإن قلت: بلى , له متابع وشاهد.
وذكرتَ المتابع ما أخرجة أبو عمرو عثمان بن أحمد ابن السماك في " الأول من حديثه" (ق:87/ب) من طريق عبيد بن عبد الرحمن التيمي , قال حدثني عيسى بن طهمان , عن أنس ,قال: (فذكر قصة موت إبراهيم ابن النبي صلى الله عليه وسلم). وفيه :
فدمعت عيناه , فقال له أصحابه : يانبي الله , ألم تنه عن البكاء ؟ فقال : " لم أنه , إنما نهيت عن صوتين أحمقين فاجرين :صوت عند مصيبة , النوح , والغناء , وإنا بك يا إبراهيم لمحزونون".
وذكرتَ الشاهد حديث ابن عوف أو جابر المذكور قبل هذا.
(وحديث ابن عوف قال عنه الشيخ حديث منكر بهذا السياق وهو حديث طويل فيه أن الرسول بكى وقال له أتبكي يارسول الله؟ أولم تنه عن البكاء؟ قال: إنما نهيت عن النوح ,عن صوتين أحمقين فاجرين :صوت عند نعمه لهو ولعب إلى آخر ماذكر , أما حديث جابر فقال عنه الشيخ حديث ضعيف جداً وفيه أن الغناء ينبت النفاق في القلب كما ينبت الماء الزرع) إنتهى كلامي
قلتُ : كلا , فأما ما ذكرت من المتابعة , فإن التيمي راويها نسبه الحافظ المزي في "التهذيب" (22/618) في الرواة عن عيسى بن طهمان , فقال: "أبو محمد عبيد بن عبد الرحمن التيمي البزاز الأعور مولى الصلت بن بهرام" وهذا رجل مجهول , قال فيه أبو حاتم الرازي "لا أعرفه , والحديث الذي رواه كذب" (الجرح والتعديل 2/2/410).
فإسناد هذه المتابعة واهٍ لا يعتبر به.
وكنت في التأليف الأول. ويقصد كتابه(أحاديث ذم الغناء والمعازف في الميزان). قد عللت هذه الرواية بابن طهمان , لقول ابن حبان: " يتفرد بالمناكير عن أنس , ويأتي عنه بما لا يشبه حديثه , كأنه كان يدلس عن أبان بن أبي عياش , ويزيد الرقاشي , عنه , لا يجوز الاحتجاج بخبره , وإن اعتبر بما وافق الثقات من حديثه فلا ضير" (المجروحين2/117-118). مع أني ثبت ثقته , وأعملت قول ابن حبان في عنعنته , لما ذكره من وقوع المنكرات في حديثه , وكأن ذلك من جهة التدليس , لكن الذي تحرر لي من بعد أن مافي رواياته من المنكرات فليس من جهته , إنما هي من جهة الرواة عنه , كما هو الشأن هنا.
وأما ما ذكرتَ من شاهد , فقد سبق أن بينت لك محله من الخبر منكر , تفرد به ابن أبي ليلى في قصة مشهورة محفوظة بدونه , والمنكر لا يصلح للاعتبار.
فسقط بهذا ما يمكن التعلق به لتقوية الحديث , ولو كان حديث ابن أبي ليلى سالماً من المعارض , لكان صالحاً للاعتبار , ولحسنا به هذا الحديث لغيره , ولكن هيهات !
وهذا التفسير الذي ذكرته هنا حول الحديث وما حال دون الحكم بثبوته , متضمن جواباً لما أورده علي الشيخ الألباني رحمه الله , وددت لو وقف عليه , فإنه ذهب في كتابة "تحريم آلات الطرب" (ص:51-55) إلى الحكم بصحته , فحسن إسناد شبيب بن بشر , وصححه بطريق عيسى بن طهمان , وقواه بحديث ابن أبي ليلى , وقد علمت ما في جميعها , فما أورده علي (ص : 38) ليس بواردٍ , لما بينته , فتأمل)) انتهى كلامه.
نقلاً عن كتابه ( الموسيقى والغناء في ميزان الإسلام ) (ص:410– 411).
نزيد هنا أمراً هاماً:
شبيب بن بشر:
ذكرنا من قبل كلام أبي حاتم الرازي والنسائي وابن حبان وابن الجوزي والذهبي والهيثمي وابن حجر والمناوي ونزيد هنا:
ذكر الإمام الترمذي أن الإمام البخاري قال : (شبيب بن بشر منكر الحديث) (انظر ترتيب العلل الكبير ص 169).
وقال المتقي الهندي في كنز العمال في تخريج أحد الأحاديث: (وفيه شبيب بن بشر لين الحديث).
وقال الألباني في إرواء الغليل (ج 6 / ص 244): ((وشبيب بن بشر ضعيف ، قال الحافظ في " التقريب " : " صدوق ، يخطئ" وقال الذهبي في "الضعفاء": "قال أبو حاتم لين الحديث". قلت: فقول الهيثمي في المجمع (7/86): "رواه البزار والطبراني ورجالهما رجال الصحيح غير شبيب بن بشر وهو ثقة" ليس منه بجيد مع تضعيف من ذكرنا لشبيب هذا))انتهى كلامه.
إذا علمت هذا علمت مدى تدليس صاحب كتاب "الرد على القرضاوي والجديع" حين ذكر من المضعفين أبو حاتم وابن حبان فقط وأتى بأقوال العلماء التي تدل على تعنتهما وجاء بقول فيه توثيق الهيثمي مع أنه قول واحد من ضمن ثلاثة أقوال للهيثمي في هذا الراوي اثنين منها فيها تضعيف الراوي ولكنه جاء بالتوثيق فقط.
وجاء بكلام للألباني في شبيب هذا حيث يقول: "فيه كلام لا يضر" وترك كلامه السابق وفيه التضعيف الصريح.
وفي مقابل ذكره لأبي حاتم وابن حبان في التضعيف نقل توثيق ابن معين وابن شاهين وابن خلفون فيما نقله عنه مغلطاي في إكمال تهذيب الكمال (6/211) ليكثر سواد الموثقين مع أن الجرح مفسر وعليه الأكثر والتوثيق مبهم وموجز.
واعلم أيضاً أنه اهمل الكلام في رواية محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى عامة والكلام في روايته عن عطاء خاصة -وهذا الحديث منها- وحاول جاهداً أن يجعل حديثه مقبولاً في الشواهد والمتابعات ويا ليته تابعه ثقة لهان الأمر! وإلا فقد تابعه شبيب ودونك ترجمته! فكيف يتابعان بعضهما وهما كما ترى؟؟
على أنه ينبغي التنبيه لخطأ وقعت فيه وهو نقلي عن الشيخ الألباني من الصحيحة في ابن أبي ليلى هذا حيث نقلت: (فمثله لا يستشهد به ويعتضد) والصواب من قوله هو: (فمثله يستشهد به ويعتضد) فتنبه!
وقد تكلم هذا الباحث عن هذا الحديث في كتابه هذا من صفحة 326 إلى صفحة 348.
وفي الحقيقة صاحب هذا الكتاب يحسد على طول نفسه واعتماده على الإرهاب الفكري حيث يترك ما لا يسعفه ويأتي بما يحلو له وسأحاول بإذن الله تعالى تتبع كلامه في باقي الكتاب مما يخص بحثنا.
والله اعلم.
| |
|
| |
Admin المسؤول
عدد المساهمات : 136 نقاط : 11933 تاريخ التسجيل : 05/03/2009 العمر : 56
| موضوع: رد: ملف: الموسيقى والغناء في الميزان الثلاثاء 13 يوليو 2010 - 5:34 | |
| أحاديث تحريم الغناء في الميزان: الحديث الثالث:أحاديث اتخاذ القينات أحاديث اتخاذ القينات أو المغنيات وبيعهن وشراؤهن وأن ذلك يسبب المسخ والقذف لهذه الأمة وهي بألفاظ مختلفة اضربنا عنها لكثرتها ووجه الدلالة فيها:
1-في هذه الأحاديث :أن بيع الجواري من المغنيات وشراءهن وكسبهن: حرام. 2-وفيها:أن اتخاذ القينات والاستماع إليهن من موجبات حصول الخسف والقذف والخنازير لما في ذلك من غضب الله وسخطه. 3-وفيها: أن المنكر –وهو هنا الغناء والمعازف والاستماع إليها-لا يجوز أن يتوسل إلى ظهوره وتشجيعه ولو كان ذلك بأسلوب جائز كالبيع والشراء عند من يجوزهما في القينات وآلات المعازف. 4-وفيها:التشديد على منع فشو بعض المظاهر لأنها ذريعة للوصول إلى الممنوع وسد الذرائع أولى من فتح باب الحيل. انظر في ذلك تحفة الأحوذي مع جامع الترمذي (2/259).
اعترض المجيزون من ثلاثة أوجه: الوجه الأول: أن تلك الأحاديث من مختلف طرقها وألفاظها لا يصح منها شئ. الوجه الثاني:أن حديث الترمذي وما ورد على غراره من نحو عشرين وجها يعتريه الاضطراب سندا ومتنا. الوجه الثالث:إن تلك الأحاديث جميعا من كافة طرقها وألفاظها تعارض مبادئ الإسلام وما علم من الدين بالضرورة.
أما الوجه الأول فهذا بيانه بالتفصيل:
*الحديث عن أبي أمامة الباهلي: 1-عند الترمذي (4/161 مع التحفة) والبيهقي في سننه من وجهين (6/15) وعند أحمد في مسنده (5/264) .
كل هذه الطرق بمختلف ألفاظها فيها : عبيد الله بن زحر عن علي بن يزيد عن القاسم بن عبد الرحمن عن أبي أمامة.
وهذه تراجمهم: -عبيد الله بن زحر الضمري الأفريقي: فقد عده ابن عدي من ضعفاء الرجال.وقال:يقع في حديثه ما لا يتابع عليه. وقال أبو مسهر: هو صاحب كل معضلة. وقال:يقع في حديثه ما لا يتابع عليه. وقال:ليس بشئ. وقال يحيى بن معين: كل حديثه عندي ضعيف قيل:عن علي بن يزيد وغيره؟قال:نعم. وقال مرة أخرى: عبيد الله بن زحر ليس بشئ. وقال ابن حبان:يروي الموضوعات عن الأثبات. وقال عنه في مرة أخرى: منكر الحديث جدا. وقال ابن المديني: منكر الحديث. وضعفه أحمد بن حنبل في رواية حرب بن إسماعيل. وقال أبو حاتم: لين الحديث. وقال الدارقطني:ضعيف.
ووثقه أحمد بن صالح وقال عنه أبو زرعة:لا بأس به صدوق وقال النسائي: ليس به بأس وقال الخطيب: كان رجلا صالحا وفي حديثه لين. وقولهم هذا كلام مجمل قد لا يعني درجته في الحديث وإنما سلوكه فقط أما قول من سبقهم فجرح مفسر. ويؤيده قول البخاري في التاريخ :مقارب الحديث ولكن الشأن في علي بن يزيد. وقال ابن حزم:هو ضعيف (المحلى (9/58)). وقال الذهبي:فيه اختلاف وله مناكير وضعفه أحمد. وقال ابن حجر:صدوق يخطئ من السادسة. (انظر الكامل لابن عدي (4/1631) وتهذيب التهذيب (7/12) والتقريب (1/533) والضعفاء للعقيلي (3/120) والكاشف للذهبي (2/197)
-علي بن يزيد بن أبي هلال الألهاني أبو عبد الملك الدمشقي: قال حرب بن إسماعيل : قلت لأحمد بن حنبل : على بن يزيد ؟ فقال : هو دمشقى .كأنه ضعفه . و قال يعقوب بن شيبة : حدثنى عبد الله بن شعيب ، قال : قرأ على يحيى بن معين : على بن يزيد الشامى ضعيف . قال : و حدثنى محمد بن عمر ، قال : قال يحيى بن معين : على بن يزيد عن القاسم عن أبى أمامة هى ضعاف كلها . و قال يعقوب : على بن يزيد : واهى الحديث ، كثير المنكرات . و قال الغلابى ، عن يحيى بن معين : أحاديث عبيد الله بن زحر و على بن يزيد عن القاسم عن أبى أمامة مرفوعة ضعيفة . و قال أبو زرعة الرازى : ليس بقوى . و قال عبد الرحمن بن أبى حاتم : سألت أبى عن على بن يزيد ، فقال : ضعيف الحديث ، أحاديثه منكرة ، فإن كان ما يروى على بن يزيد عن القاسم على الصحة فيحتاج أن ينظر فى أمر على بن يزيد . و قال محمد بن إبراهيم الكنانى الأصبهانى : قلت لأبى حاتم : ما تقول فى أحاديث على بن يزيد عن القاسم عن أبى أمامة ؟ قال : ليست بالقوية ، هى ضعاف . و قال البخارى : منكر الحديث ، ضعيف . و قال الترمذى و الحسن بن على بن نصر الطوسى : يضعف فى الحديث . و فى موضع آخر : و قد تكلم بعض أهل العلم فى على بن يزيد ، و ضعفه . و قال النسائى : ليس بثقة . و قال فى موضع آخر : متروك الحديث . و قال أبو سعيد بن يونس : فيه نظر . و قال أبو الفتح الأزدى ، و أبو الحسن الدارقطنى ، و أبو بكر البرقانى : متروك. و قال الحاكم أبو أحمد : ذاهب الحديث . و قال أبو أحمد بن عدى : و لعلى بن يزيد أحاديث و نسخ ، و عبيد الله بن زحر يروى عن على بن يزيد عن القاسم عن أبى أمامة أحاديث ، و هو فى نفسه صالح إلا أن يروى عن ضعيف فتؤتى من قبل ذلك الضعيف .
وقال الحافظ فى "تهذيب التهذيب" 7/397 : و قال الساجى : اتفق أهل العلم على ضعفه . و قال أبو نعيم الأصبهانى : منكر الحديث .
وقال في التقريب: صاحب القاسم بن عبد الرحمن ضعيف من السادسة. وقال ابن حزم: وعلي بن يزيد الدمشقي مطرح متروك الحديث. وذكر العقيلي قول أحمد في ترجمة القاسم بن عبد الرحمن قال: يروي عنه ابن يزيد هذا عجائب وتكلم عنها...
-القاسم بن عبد الرحمن الدمشقي أبو عبد الرحمن: قال المزى فى "تهذيب الكمال" : و قال عبد الله بن أحمد بن حنبل : سمعت أبى ، و ذكر القاسم أبا عبد الرحمن ، فقال : قال بعض الناس : هذه الأحاديث المناكير التى يرويها عنه جعفر بن الزبير ، و بشر بن نمير ، و مطرح ، فقال أبى : على بن يزيد من أهل دمشق حدث عنه مطرح ، و لكن يقولون : هذه من قبل القاسم مناكير مما يرويها الثقات يقولون من قبل القاسم . و قال أبو بكر الأثرم : سمعت أبا عبد الله ، و ذكر له حديث عن القاسم الشامى عن أبى أمامة : أن الدباغ طهور . فأنكره و حمل على القاسم ، و قال : يروى على بن يزيد هذا عنه أعاجيب ، و تكلم فيها ، و قال : ما أرى هذا إلا من قبل القاسم : قال أبو عبد الله : إنما ذهبت رواية جعفر بن الزبير لأنه إنما كانت روايته عن القاسم . قال أبو عبد الله : لما حدث بشر بن نمير عن القاسم ، قال شعبة : ألحقوه به . و قال جعفر بن محمد بن أبان الحرانى : سمعت أحمد بن حنبل ومر حديث فيه ذكر القاسم بن عبد الرحمن مولى يزيد بن معاوية ، قال : هو منكر لأحاديثه متعجب منها ، قال : و ما أرى البلاء إلا من القاسم . و قال عباس الدورى ، و عبد الله بن شعيب الصابونى ، و المفضل بن غسان الغلابى ، و إبراهيم بن عبد الله بن الجنيد عن يحيى بن معين : القاسم أبو عبد الرحمن ثقة . زاد إبراهيم : الثقات يروون عنه هذه الأحاديث و لا يرفعونها ، ثم قال : يجىء من المشايخ الضعفاء ما يدل حديثهم على ضعفهم . و قال فى موضع آخر : إذا روى عنه الثقات أرسلوا ما رفع هؤلاء . و قال أحمد بن عبد الله العجلى ، و يعقوب بن سفيان الفارسى ، و أبو عيسى الترمذى : ثقة . زاد العجلى : يكتب حديثه ، و ليس بالقوى . و قال إبراهيم بن يعقوب الجوزجانى : كان خيارا فاضلا أدرك أربعين رجلا من المهاجرين و الأنصار . و قال أبو حاتم : حديث الثقات عنه مستقيم ، لا بأس به ، و إنما ينكر عنه الضعفاء . و قال الغلابى : منكر الحديث . و قال يعقوب بن شيبة السدوسى : ثقة . و قال فى موضع آخر : قد اختلف الناس فيه ، فمنهم من يضعف روايته ، و منهم من يوثقه .
قال الحافظ فى "تهذيب التهذيب" 8/324 : قال ابن حبان : كان يروى عن الصحابة المعضلات . و قال إبراهيم بن موسى الفراء : رأيت النبى صلى الله عليه وآله وسلم فى النوم ـ أو قال : حدثنى من رآه ـ : عرضت عليه أحاديث من أحاديث القاسم عن أبى أمامة ،فأنكرها . و قال أبو إسحاق الحربى : كان من ثقات المسلمين . و ذكر له العقيلى حديث : " لئن كنت خلقت للجنة لأن يطول عمرك و يحسن عملك ، خير لك " . لا يعرف إلا به . اهـ .
فالقاسم مختلف فيه اختلافا كبيرا كما ترى ولعل أقرب الآراء فيه هو قول أبي حاتم : حديث الثقات عنه مستقيم ، لا بأس به ، و إنما ينكر عنه الضعفاء .
وقد سمى الدكتور سالم الثقفي هذه السلسلة باسم طريف وهو "سلسلة العطب".
2-وعن أبي أمامة في مسند الحميدي (2/405) وابن ماجة (2/733)...وغيرهما فيه: عبيد الله بن زحر والقاسم بن عبد الرحمن وهما حلقتان من السلسلة السابقة.
وزيادة على ذلك ففيه عندهما: مطرح بن يزيد أبي المهلب.
-مطرح بن يزيد أبو المهلب: قال عباس الدروى ، عن يحيى بن معين : ليس بشىء . و قال أبو زرعة : ضعيف الحديث . و قال أبو حاتم : ليس بقوى ، ضعيف الحديث ، يروى أحاديث ابن زحر عن على بن يزيد ، فلا أدرى من على بن يزيد أو منه . و قال أبو عبيد الآجرى : سألت أبا داود عن مطرح بن يزيد ، فقال : هو أبو المهلب روى عنه سفيان زعموا أن البلية من قبل على بن يزيد . و قال النسائى : ضعيف . و قال فى موضع آخر : ليس بشىء . و قال البخارى بعد ذكر مطرح بن يزيد : مطرح الأسدى ، عن أبى طاهر ، روى عنه عبد الله بن نمير .
قال الحافظ فى "تهذيب التهذيب" 10/171 : و تبع ابن حبان البخارى ، فذكر ابن يزيد فى " الضعفاء " ، و ذكر مطرح الأسدى فى " ثقات " أتباع التابعين . و قال البخارى : منكر الحديث . و قال ابن حبان : مطرح بن يزيد ، لا يروى إلا عن ابن زحر و على بن يزيد ، و هما ضعيفان ، فكيف يتهيأ الجرح لمن لا يروى إلا عن الضعفاء ! و لكنه لا يحتج به لأنه يروى عن الضعفاء . و قال ابن عدى : و يجانب روايته عن ابن زحر ، و الضعف على حديثه بين . اهـ
| |
|
| |
| ملف: الموسيقى والغناء في الميزان | |
|